للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة العلم]

أرقام تتحدث

طريقة تعداد الذرات

للدكتور محمد محمود عالي

من (أحمس) المصري إلى (بيران) الفرنسي - الجسيمات التي استخدمها (بيران) في تجاربه - كيف تتوزع هذه الجسيمات الدائمة الحركة - يختلف الجو الذي ابتدعه (بيران) عن الجو الذي نعيش فيه

لقد تنفس العالم الكبير (بيران) في القرن العشرين بعد الميلاد الهواء ذاته الذي تنفسه (أحمس) في القرن العشرين قبل الميلاد أو ما يقرب من ذلك العهد، ومع ذلك استطاع الأول بتجارب علمية دقيقة، وعمليات رياضية عالية، أن يعرف عدد ما في حجم معين من الهواء من ذرات؛ بينما وقفت معارف الثاني عند حد معرفة القواعد الحسابية الأربعة: الجمع والطرح والضرب والقسمة، ومعرفة الكسور والتقسيم التناسبي وحساب المتواليات، ولم يكن يجهل معادلات الدرجة الأولى.

والذين يراجعون معنا الآن أعمال (بيران) يدركون كيف اهتدى إلى إحصاء الذرات الدقيقة، دون أن يكون في حاجة إلى رؤيتها، وكيف خلص من هذا إلى معرفة قدر الإلكترون، أصغر ما في الكهرباء وأحد المكونات الهامة في الوجود، دون التجاء إلى استخدام عمليات كهربائية، وهو بتعيينه قدر الذرة وقدر الإلكترون أقام في نفس الوقت الدليل على وجودهما، فقطع بذلك مرحلة من أهم مراحل العلم، تتخلص في كلمات هامة ومحدودة: ذلك أن التجزؤ المادي وعدم الاتصال في أجزاء المادة حقيقة موجودة.

والذين يستعيدون منا أعمال (أحمس)، ويتلمسون ذلك في كتابه الذي ترجمه (إلْسِنلوهر) إلى الألمانية من الأصل المخطوط على أوراق البردي المحفوظة في المتحف البريطاني يعلمون أنه كان يعرف أن يقوم بحساب أبعاد فاكهة مستديرة أو تحديد مساحة قطعة من الأرض، وأنه كان يعرف قدر الخبز لحجم معين من الدقيق، بل يعرف قدر الطعام الذي يزدرده الإوز وتلتهمه العجول

<<  <  ج:
ص:  >  >>