للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

معنى قوله تعالى (يخرج الحي من الميت)

لقد اطلعت في مجلة الرسالة الغراء على تفسير لهذه الآية الكريمة،

ولما كنت قد فسرتها في كتابي (الحمل وخلقة الإنسان بين الطب

الحديث والقرآن) تفسيراً آخر رأيت أن أدلي به على صفحات هذه

المجلة

فالمقصود من قول الله تعالى (يخرج الحي من الميت) أي أنه تعالى يخرج الإنسان الحي من الطين الميت؛ ويشير إلى ذلك قول الله تعالى: (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين) ثم يجعله يتكون وينمو من أشياء ميتة؛ فالإنسان الحي يقتات من المواد النباتية وهي غير حية كما يقتات من لحوم الحيوانات بعد ذبحها وموتها وموت خلاياها موتاً كلياً، فيحول الله تعالى هذه الأشياء الميتة في جسم الإنسان إلى جسم حي فينمو الإنسان ويكبر. فالإنسان يستمد حياته من الحيوان والنبات، والحيوان يبنى جسده من النبات، والنبات ينمو من مواد الأرض فلا شك أن جسم الإنسان كله ينمو من الطين. وهذه معجزة الله الخالق العظيم الذي بدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل بناء جسمه من الطين

فالمواد التي تدخل في تركيب أجسامنا موجودة في حفنة من تراب أو في حثوة من طين، ولكنا لا نستطيع الانتفاع بها مباشرة وإنما ننتفع بها عن طريق النبات. فعلى ذلك يحول الله تعالى المادة غير الحية إلى مادة حية في أجسامنا، وهذا هو إخراج الحي من الميت

وإما إخراج الميت من الحي فهو مثل خروج الإفرازات كاللبن وهو شيء ميت من جسم حي

أما قول كثير من المفسرين من إن إخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي هو إخراج الإنسان من النطفة وإخراج النطفة من الإنسان على اعتبار أن النطفة شيء ميت، فأعتقد أن ذلك لا يساير الحقيقة وقد ثبت أن النطفة جسم حي بحيواناتها المنوية الحيّة.

(بني سويف)

الدكتور حامد البدري الغرابي

<<  <  ج:
ص:  >  >>