غالباً ما يكون حلول الربيع مدعاة لبدء الإصابة بمرض الاسخربوط، وذلك عندما تعم الشكوى من الأمراض الناشئة عن تقلبات الجو كالضعف والخمول وفقد شهية الإقبال على العمل وآلام الرأس والشعور بالثقل في الحركة وآلام في الأطراف. ولم يهتد بادئ ذي بدء إلى تعليل هذه الأعراض ومعرفة أسبابها إلا بعد ظهور المعلومات الحديثة عن المواد الحيوية الموجودة ضمن الأغذية والطعام، ولأنه كان غريباً وداعياً إلى الدهشة والتفكير تفشي هذه الأمراض بين الناس في هذا الوقت من كل سنة، وفي الشهور: مارس، أبريل، مايو، التي ترتفع فيها أثمان الخضر الجديدة (حسب المقتضيات الأوربية)، وصدوف سواد الناس عن شراء الخضروات أو إقلالهم من استهلاكها، وبذا تقل طبعاً كمية الفيتامينات اللازمة لحفظ الكيان والصحة
ويعزى (مرض الربيع) هذا إلى نقص في كمية الفيتامين التي تدخل الجسم، يؤيد هذا القول ظاهرتان هامتان أخذتا من الإحصائيات. وأولى هاتين الظاهرتين هو بطء النمو عند الأطفال في هذه الشهور، وطبقاً لما تردد ذكره من ارتباط النمو بالفيتامينات، فقد تبين أنه تبعاً للنقص في تموين الجسم بالفيتامينات في وقت الربيع ينخفض مستوى النمو الجسمي العام، وثانياً ازدياد نسبة الوفيات في شهري مارس وأبريل؛ وهناك مثل ألماني يشير إلى هذا المعنى ويقول:(إذا أخطأ مارس وولى، كان لأبريل القدح المعلى). وإذا ما علمنا أن وجود الفيتامينات في الجسم يدرء عنه العدوى من الأمراض المعدية، ويحصنه ضد كثير غيرها، وأن خلو الجسم منها يجعله أكثر قابلية للرضوخ لكثير من الأذى والعلل - قام هذا دليلاً آخر على الصلة بين التغذية المفتقرة إلى الفيتامينات، وبين الزيادة الظاهرة في أرقام الوفيات. فإذا تم بهذا ولو لحد ما حصر الأسباب الرئيسية التي ترجع إليها أعراض مرض