(في هذا الأسبوع أخرج صديقنا الأستاذ توفيق الحكيم كتابه (حمار الحكيم). وهو كتاب قصصي طريف، أخذ أسمه من جحش رضيع اشتراه وأنزله معه فندق (. . . .)، ثم أدار فيه الحديث على اتفاقه مع شركة شربانتيه السينمائية على أن يضع لها حوار قصة مصرية، ثم شقق الحديث وشعبه فتناول الأدب والفن والمرأة والزواج بأسلوبه الفكه الطلي. وفيما يلي فصل قيم من هذا الكتاب يصور قطعة جميلة من حياة الكاتب)
رفع صاحبي رأسه والتفت إليّ فجأة قائلاً:
- ألم يخطر ببالك أن تتزوج؟
فقلت وأنا أحاول التذكر:
- نعم، كنت موشكاً على الزواج منذ عشر سنوات. . . لكن. . .
ثم كررت بفكري راجعاً إلى ذلك العهد وابتسمت، فقد مرت برأسي صورة ما حدث وما ثنى عزمي عن المضي في ذلك الأمر.
كنت ذا عصر راكباً عربة يجرها حصانان، وإلى جانبي أحد المهتمين بشئوني، فرأينا السائق يهوى بسوطه على أحد الجوادين، فمال من الألم على شريكه كأنه يشكو إليه، والتقى رأسا الجوادين كأنهما يتساران. فجعلنا نتحدث في ذلك ونقول: إن مركبة الحياة كذلك لا يهوَّن من أوجاعها غير أن يربط إليها شريكان يشدان عجلاتها ويشجع أحدهما الآخر كلما سلط عليه القدر سوطاً من سياطه. ثم قلنا: من يدري؟ لعل هذا سر ذلك الحظر الذي نراه على مركبة الحياة؟ وعند ذاك أتجه الكلام إليّ، وصارحني من معي بأن مركبة حياتي لا ينبغي بعد اليوم أن أجرها بمفردي. فإنها قد تحمل فوق ما أطيق، وأنا رجل غريب الأطوار قد أسير بها سيراً غير مألوف فأتخبط بها في طرقات غير ممهدة لا أحفل بسوط سائق. بل من يدري لعلي جمحت مرة فأسقطت سائقي في الأوحال، وجعلت أنطلق منفرداً بمركبة بلا نور، أركض بها على غير هدى حتى أرتطم في جدار. . . وانتهى الأمر بصياح ذلك المهتم بشأني: