١ - يذكر أبو المحاسن (ص١٠ - ١٦) نقلاً عمن لا يسميه. ونحن نورد خلاصة ما قال:
لما حاصر المسلمون حصن بابليون وجدوا في فتحه خشي من في الحصن - وكانوا جماعة من الروم وأكابر القبط وعليهم المقوقس - أن يظهر عليهم المحاصرون، فلحق المقوقس وجماعة من أكابر القبط بالجزيرة تاركين وراءهم في الحصن جماعة لقتال العرب. ومن هناك - أي من الجزيرة - أرسل المقوقس إلى عمر رسلاً يحملون هذه الرسالة:(إنكم قد ولجتم في بلادنا، وألححتم على قتالنا، وطال مقامكم في أرضنا، وإنما أنتم عصبة يسيرة، وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح، وقد أحاط بكم هذا النيل، وإنما أنتم أسارى في أيدينا فابعثوا إلينا رجلاً منكم نسمع من كلامهم، فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم القتال قبل أن يغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه، ولعلكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفاً لمطلبكم ورجائكم فابعثوا إلينا رجالاً من أصحابكم نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شيء). فرد عمر على المقوقس رسله بعد يومين كاملين ومعهم هذا الجواب:(إنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال: إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم مالنا، وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين)
فلما رجع الرسل أتخبرهم المقوقس عما وجدوه من حال العرب، فأخبروه أنهم قوم يؤثرون الموت على الحياة والتواضع على الرفعة، وأنهم لا رغبة لهم في الدنيا ولا نهمة، وأنهم في معيشتهم سواء: وضيعهم كرفيعهم وسيدهم كعبدهم وأميرهم كواحد منهم، وأنهم لا يتخلفون عن صلاة. فلما سمع المقوقس من حال العرب ما سمع أيقن أنه إن لم يغتنم صلحهم وهم محصورون بالنيل فلن يغتنمه حين تمكنهم الأرض. فرد رسله إلى عمرو يقول له: (ابعثوا