منذ عامين رأى الدكتور بشر فارس أن يخرج للناس مسرحية رمزية يثبت بها اتجاهاً جديداً في عالم القصص الرمزي
وبعد التحصيل والروية والاجتهاد، كما يقول الدكتور الفاضل في مستهل توطئته، صنع هذه القصة أو المسرحية الرمزية وعنوانها (مفرق الطريق) وقال في تبيين موضوعها وتوضيح فكرتها: إنه مفرق طريق ينحدر يساراً إلى ظلمة، حيث الشعور، ويمتد يميناً مناراً في صعود مثلوجة، حيث العقل. وفي هذا المفرق الصراع بين العقل والشعور، فإما أن ينتصر الشعور فينحدر المرء في ظلمة تحترق عندها النفس، وإما أن ينتهي الصراع بانتصار العقل فيسلك المرء في صعود مثلوجة يحيا عندها بنجوة من الاحتراق. ثم يقول (على ما هو مبين في رسم الغلاف)
ورسم الغلاف هذا صورة رمزية أيضاً من تصميم المؤلف نفسه، تمثل جبلاً عالياً ذا قمة مغطاة بالثلوج، ومنحدراً ينتهي إلى غور مظلم يتضرم بحرارة الحياة
ومنذ اثنتي عشرة سنة أنشأ الأستاذ عباس محمود العقاد قصيدة رمزية في ديوانه صفحة (٢٠٦) عنوانها: (القمة الباردة) حيث يعيش العقل متجرداً من الشعور في عالم ثلجي لا يشعر فيه بحياة
ومن عجائب التحصيل والروية والاجتهاد أن الفكرة التي جعلها الأستاذ العقاد لباب موضوعه، والموضوع الذي بنى عليه قصيدته هما نفس الفكرة وذات الموضوع الماثلتان في مسرحية بشر فارس!
ومن عجائب التحصيل والروية والاجتهاد هذه أن يقول العقاد في مقدمة قصيدته:(إن الحي لا يعرف الدنيا إلا بالظواهر التي تقع عليها الحواس وتدركها البديهة). فيقدم بشر فارس لمسرحيته بنفس المعنى ويقول بلسان صورة من صنع الشعور: بيني وبين بصرك صلة اليقظة والإحساس بالوجود. ويقول عن رسم من صنع العقل: أفلا تقبض صدرك البرودة المنسابة فيه؟
ومن عجائب التحصيل والروية والاجتهاد أن تكون (القمة الباردة) في قصيدة العقاد هي