من صفات العمل الأساسية الوحدة، والسرعة، وتوجيه الأثر إلى الذهن
فوحدة العمل هي اتحاد الأجزاء المختلفة التي يتركب منها العمل الروائي على إيجاد حادث واحد أو منعه. ولا يتحقق ذلك إلا بحصر الاهتمام كله في بطل الرواية، وجعل هذا البطل في خطر واحد لا يختلف من ابتداء التمثيل إلى انتهائه. لأن الخطر إذا زال انتهى العمل، والبطل إذا وقع في خطر غير الأول ابتدأ بوقوعه في عمل آخر. على أن العمل قد يكون مركباً متشعباً تملؤه التغيرات وتعوقه المفاجآت ولا يؤثر شيء من ذلك في وحدته. إذ يكفي أن تكون هذه التفصيلات وتلك الاعتراضات مسوقة إلى غرض واحد، موصلة إلى نتيجة واحدة. وقد يتسامحون أحياناً في تطبيق شرط الوحدة، فيكتفون في تحققه بأن يتحد الخلق الفعال في الرواية، فيجيزون أن تتنوع المواقف وتتعدد الحوادث ما دامت تدور كلها حول خلق واحد تحلله وتفصله
الوحدات الثلاث
ولقد كان القدماء من أشياع المذهب الأتباعي في فرنسا أثناء القرن السبع عشر يشترطون في العمل غير هذه الوحدةوحدتين أخريين: هما وحدة المكان، ووحدة الزمان، ويسمون ذلك قانون الوحدات الثلاث، وظلوا يطبقونه في غير لين ولا هوادة حتى ظهر المذهب الأبتداعي في صدر القرن التاسع عشر فهاجم هذا القانون فيما هاجم من قوانين القدماء. وكان من أثر هذا النضال العنيف بين أنصار المذهبين أن تجوز الأدباء في تطبيقه، وأغضوا النظر قليلا عن تحقيقه، فذهب ما يشينه من تكلف وتعسف، وبقي ما يزينه من دقة وتحديد. فماذا كانوا يريدون بوحدتي المكان والزمان؟ كانوا يريدون بوحدة المكان أن يفرض وقوع العمل كله في مكان واحد لا يتعداه، فإذا وقع في مدينة أو معسكر أو طابق بيت ظل ذلك المنظر واحداً في كل فصل من فصول الرواية من بدأ التمثيل وختامه. وإن