[سيلان]
للأستاذ أبو الفتوح عطيفة
سيلان أو سرنديب اسم تردد على شفاه معظم المصريين منذ ستين عاماً. في ذلك الوقت كانت الثورة العربية تجتاز آخر مراحلها، فقد كان زعماؤها يحاكمون وحكم عليهم بالإعدام في ٣ ديسمبر سنة ١٨٨٢ وأبدله الخديوي توفيق في الحال بالنفي المؤبد خارج القطر إلى جزيرة سيلان وصودرت أملاكهم وجردوا من ألقابهم. عرف المصريين إذن جزيرة سيلان؛ ولقد خلد اسم هذه الجزيرة في الأدب بما كتبه فيها محمود سامي البارودي باشا من شعر مؤثر في الحنين إلى الوطن والحزن لفراقه.
قال يصف الرحيل عن أرض الوطن:
محا البين ما أبقت عيون المها مني ... فشبت ولم أقض اللبانة من سني
عناء ويأس واشتاق وغربة ... الأشد ما ألقاه في الدهر من غبن
فإن أك فارقت فلي بها ... فؤاد أضلته عيون المها عني
وقد أسبغ النفي والحرمان عليه شارة التضحية والبطولة فكتب شعراً يفيض عظمة وجلالاً قال من قصيدة في منفاه:
علام يعيش المرء في الدهر خاملاً ... أيفرح في الدنيا بيوم يَعُدُّه
عفاء على الدنيا إذا المرء لم يعش ... بها بطلاً يحمي الحقيقة شدُّه
ومن قصيدة أخرى:
لم أقترف زلة تقضي عليَّ بما ... أصبحت فيه فماذا الويل والحرب
فهل دفاعي عن ديني وعن وطني ... ذنب أدان به ظلماً وأغترب
فلا يضن بي الحساد مندمة ... فإنني صابر في الله محتسب
أثريت مجداً فلم أعبأ بما سلبت ... أيدي الحوادث مني فهو مكتسب
لا يخفض البؤس نفساً وهي عالية ... ولا يشيد بذكر الخامل النشب
وقد قضى بها سبعة عشر عاماً، ثم عاد إلى مصر في شهر سبتمبر ١٩٠٠ بعد أن فقد نور عينيه. أما عرابي باشا فقد عاد في أول أكتوبر ١٩٠١. وقد مات بهذه الجزيرة من الزعماء السبعة عبد العال باشا حلمي (في ١٩ مارس ١٨٩١) ودفن بكولمبو، ومحمود فهمي باشا