جاء في العدد ٣٢٤ من هذه الرسالة العالية، كلمة بعنوان (يا رسول الله)، (لأستاذ جليل) ينم عليه قلمه!
استهلها بآية من آياته، وبينة من بيناته، وتلك قوله:
(إن الدهر قد جار على قوم عرب!!)
ثم نقل من (التنبيه والإشراف) للمسعودي هذه النبذة:
(كانت ملوك الروم تكتب على كتبها من فلان ملك النصرانية، فغير ذلك نقفور، وكتب (ملك الروم) وقال هذا كذب، ليس (أنا) ملك النصرانية، أنا ملك الروم، والملوك لا تكذب، وأنكر على الروم تسميتهم العرب (ساراقينوس) تفسير ذلك: عبيد سارة، طعناً منهم على هاجر وابنها إسماعيل، وقال: تسميتهم عبيد سارة كذب، والروم إلى هذا الوقت (يعني سنة ٣٤٥) تسمي العرب (سارقينوس. . .) أهـ
وأستاذنا الجليل، وهو (سباق غايات، وصاحب بينات) كان حقاً عليه أن يقف لحظة أمام هذه (الكلمة) فيعالجها معالجة يردها إلى أصلها، أو يقول قولاً في فصلها؛ إذ هذا هجِّيراه وديدنه في كل ما يرقمه قلمه البارع في شتى (بحاثاته). . .! ولكنه لم يفعل بل تركها تجري في عبارات المسعودي غامضة الوضع، عسيرة الفهم، ملحقةً بذلك التفسير الذي يغلب على الظن أن المسعودي فسره تفسيراً خياليّاً بقوله:(عبيد سارة) أخذاً من الهجاء الأول (سارا) من كلمة: (ساراقينوس)، والدليل على بطلان هذا الكلام عن المسعودي، وإن كنا لا نستبعد أن لوجود (سارا) أو (سارَّة) في بنية هذه (الكلمة) من أمر، قوله:(وقال (أي نقفور) تسميتهم عبيد ساره كذب) لأن ملكاً من ملوك هذه المصفَّرة لا يمكن بحال من الأحوال أن يجعل من نفسه مدافعاً عن العرب، أو يعنى بمثل هذا التحليل وغاية ما في الأمر أن لخيال المسعودي أثراً في هذا، فمن وجود (سارة) في هذه الكلمة يتبادر إلى ذهن (المؤرخ) الأسطورة الخرافية الداهية التي (تحطّ) من قدر الإسماعليين أبناء هاجر بالنسبة (لساره) الزوجة الشرعية لإبراهيم الخليل. . . وهذا ما وقع فيه المسعودي، فلا يُسلَّم له