للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مقالات إسماعيلية]

لأستاذ جليل

- ٩ -

(فصل) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه عرف ربه) وقال عليه الصلاة والسلام: (عرفت ربي بربي) أشار إلى أنك لست أنت إنما هو أنت بالهو أنت لا هو داخل فيك، ولا أنت داخل فيه، ولا (هو) خارج منك، ولا أنت خارج منه. وما عنى بذلك أنك موجود وصفتك هكذا بل عنى به أنك ما كنت ولا تكون إلا بنفسك لا هويتك المضنونة هي العدم، فأنت لا فان ولا موجود. أنت هو وهو أنت بلا علة من هذه العلل، فإن عرفت وجودك هكذا فقد عرفت الله تعالى وأكثر العارفين (أضافوا) معرفة الله تعالى إلى فناء الوجود وإلى فناء فنائه (فهذا) إثبات الشرك؛ فإن معرفة الله تعالى (لا) تحتاج إلى فناء الوجود، ولا إلى فناء فنائه، ولا شيء لا وجود شيء، وما لا وجود (له) لا فناء له، فإن الفناء لا يكون إلا بعد إثبات الموجود، والوجود الإضافي عدم، والعدم لا شيء، فإن عرفت نفسك بلا وجود ولا فناء فقد عرفت الله تعالى. قال السيد راشد الدين (علينا منه السلام): (لولانا بشهوتنا للأشياء لما كان إلا الله ولا شيء سواه. وفي إضافة معرفة الله تعالى (إلى) فناء الوجود وإلى فناء فنائه إثبات الشرك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عرف نفسه عرف ربه) ولم يقل من أفنى نفسه عرف (ربه) فإن إثبات الغير تناقض فنائه، وما لا يجوز ثبوته لا يجوز فناؤه، ووجودك ووجوده لا شيء لا يضاف إلى شيء. أشار عليه الصلاة والسلام إلا أنك معدوم كما كنت قبل متكوناً التقدر فلا أن الأزل والأبد والله تعالى (موجودون) هو وجود الأزل والأبد، وذات جميع الموجودات والوجود ولو لم يكن كذلك ما كان إلا الله وحده بنفسه لا يوجد الله تعالى فيكون رباً ثابتاً وهو محال، فليس لله تعالى شريك في ملكه ولا ند ولا كفؤ. ومن (جعل) لا شيء مع الله وهو محتاج إلى الله فقد جعل ذلك الشيء شريكا له لأنه محتاج إليه. ومن توهم موجوداً سواه قائماً به ثم يصير فائناً فناءه ويصير فائناً في فنائه فتسلسل الفناء بالفناء شركا بعد شرك. ومن كان هذه معرفته فهو مشرك لا عارف، والعارف بالله وبنفسه هو الذي يعلم أن الله كان ولم يكن معه شيء وهو الآن كان، فإن قيل: إن النفس ليست هي الله ولا الله تعالى هو النفس، قلنا: إن

<<  <  ج:
ص:  >  >>