(إن بث العمران والتقدم في هذا البلد المتخلف عن غيره يمثل رسالة الجيل الناشئ: وإيجاد جيل يؤمن بهذا ويعمل له ويكافح من أجله هو هدف كل سياسة تعليمية).
لست من رجال التعليم والتربية، ولكنني من أهل هذا الوطن، ومن حقي أن أبدي الرأي وأجهر به في كل ما يمس حياة بلادنا. وأهم مشاكل مصر وأبعدها أثراً مشكلة التعليم، وهي مشكلة تسير كل عام نحو التعقيد ولذا لا أجد حرجاً على نفسي أن أكتب فيها وأقول: إذا كان للتعليم سياسة فهي كما قال الأستاذ محمد محمود زيتون (أحق من أي سياسة أخرى بالثبات والاستقرار ولا سيما في جوهرها).
وفي نظري إذا قدر لسياسة تعليمية أن تستقر وتثبت على أسس صالحة واضحة فيجب أن تلائم بين أمرين مهمين:
الأول: حاجة البلاد الاقتصادية.
الثاني: مسايرة الثقافة العامة لروح العصر الحالي.
هذا مع التمسك بأن كل سياسة تعليمية لها هدف أساسي هو نشر الثقافة القومية وغرسها في نفوس النشء لكي تشعر بحيويتها وتعيش في فيضها الأجيال القادمة وتتولى حفظها والسير بها في المستقبل، مع عدم التفريط في توجيه القوى النفسية الدافعة الكامنة في الأمة حتى يخرج الجيل القادم قوياً: يعرف كيف يواجه ضربات الحياة ومشاكلها وبهذا نضمن أن تخرج الأمة من كل عراك سلمى أو تصادم حربي منتصرة رافعة الرأس صابة لا تلين أمام الهزائم ولا النكبات.
ولا شك في أن العمل للوصول إلى هذه الغاية يحتم الإلمام بطائفة من المبادئ التي تبنى عليها قواعد غرس هذه الروح القومية الوطيدة القوية الواعية، وكذلك معرفة العوامل الأساسية المكونة لشخصية الجماعات والدوافع الفكرية وهي مسائل في حاجة للبحث وللدرس ولاستخلاص الحقائق: فإذا وقفنا لدراسة علمية لها للتثبت منها تبين لنا بوضوح طريق الوصول إلى التكوين الروحي والعقلي للامة وسبل إبرار العبقرية الكامنة لدينا واستعدادنا للتطور والنضوج. وهذه في نظري عوامل منبثقة من شخصية الأمة وتاريخها