أقبل موسم السياحة. ولمصر موسم للسياحة مشهور في جميع أنحاء العالم، لا لأنها أغنى بقاع الأرض من الناحية الأثرية فقط، ولكن لأنها تتمتع أيضاً في الشتاء بجو بديع وطبيعة ساحرة. وفي جميع الأمم التي تشتهر بتراثها الأثري أو جمالها الطبيعي، يوجد موسم أو مواسم للسياحة؛ وتنظم هذه المواسم بحيث تغدو موارد ينتفع بها أهل القطر من الناحية المادية؛ بل توجد أمم وبقاع تعيش على السياحة كسويسرا مثلاً وبلاد التيرول، وساحل الريفييرا والبندقية وغيرها. وتعتبر السياحة في مصر أيضاً مورداً له قيمته وأهميته، وتبذل الحكومة لترويجه كثيراً من المال ومن وسائل الدعاية؛ ولكن هل استطاعت مصر أن تنظم موسم سياحتها على نحو يكفل مصالحها ومصالح أبنائها الذين يتصلون به كما تفعل جميع الأمم؟ وهل تجني مصر ويجني المصريون منه ما يحق لهم أن يجتنوه من المزايا المادية والمعنوية؟ الجواب معروف، وهو أن مغانم موسم السياحة المصري مازالت نهباً للأجانب، يستغلونها باسم مصر والمصريين، ولكن دون مصر والمصريين؛ وما تفيده الحكومة من أجور السكك الحديدية وتذاكر الآثار، وما يفيده بعض المصريين المتصلين بالموسم لا يعد شيئاً بالنسبة لما تحققه الفنادق ووكالات السياحة الأجنبية من الأرباح الوفيرة.
هذه حقيقة لا ريب فيها، ولكن هناك حقيقة أخرى هي أن تبعة هذه النتيجة المؤلمة تقع على عاتق مصر حكومة وشعباً. فالحكومة لم تفعل حتى اليوم شيئاً جدياً لتنظيم موسم السياحة على نحو تراعي فيه المصالح المصرية، ويوضع فيه حد معقول للاستغلال الأجنبي؛ والمصريون من جانبهم لا يفكرون في العمل على استثمار هذا الموسم الذي تهيئه لبلادهم مزاياها الأثرية والطبيعية. فمن المعروف مثلاً أن الفنادق تستأثر بأهم موارد الموسم، وأن هذه الفنادق كلها أجنبية؛ ولكن هل فكرنا نحن في إنشاء فنادق يستطيع أن يؤمها السياح؟ إن إنشاء الفنادق صناعة لها قيمتها وأهميتها ولاسيما في مراكز السياحة المشهورة؛ ففي سويسرا مثلاً تعتبر صناعة الفنادق من أهم الموارد القومية، وقد عرف الأجانب في مصر هذه الحقيقة بإنشاء الفنادق واحتكروا صناعتها، ولكن المعروف أنهم