اشتهيتُ أن أقول الشعر في الأسبوع الماضي، بعد أن فطمتُ قلبي سنوات وسنوات، فدخلت مكتبتي - أعني غرفتها لا رفوف الكتب فيها - وأغلقت الباب، وقلت لنفسي (الآن، أمنت أن يزعجني هؤلاء الأطفال الملاعين ويُطيروا عقلي - أو ما بقي لي منه، وهو قليل - بضجاتهم وكراتهم وزماراتهم وأسئلتهم التي لاتنتهي، ومشاكلهم العويصة التي لا تحل، واستبدادهم الذي لا يطاق. إنهم أطفال جديدون وأنا رجل قد شيخت، وهم حركة دائمة، وأنا فتور يزداد على الأيام، وسينتهي - عاجلاً أو آجلاً، بل آجلا إن شاء الله - إلى الركود. وهم استعداد مطلق، وأنا نطاق محدود. وكيف بالله أطيق أن أظل ألاعبهم الكرة، أو أجاريهم في الزمر والوثب والصياح؟؟
وما صبري على هذه الأسئلة التي ليس لها عندي جواب؟؟
سألني أحدهم - أصغرهم - (بابا)
قلت:(نعم)
قال:(هل أنت بابا؟)
قلت:(نعم، وأمري إلى الله يا بني)
قال:(صحيح؟)
قلت:(أو يخامرك شك يا ملعون؟؟ أم لا يعجبك أبوك؟؟)
فجعل يردد كلمة (بابا) مستغرباً ثم سأل (يعني آيه؟)
فلم أجد عندي جواباً حاضراً لسؤاله، وعالجته، وحاورته داورته حتى انصرف عن هذا الموضوع، ولكنه لم ينسه، فهو يكر علي به كل بضعة أيام. فمن كان يعرف لسؤاله هذا جواباً مقبولاً فليسعفني به، وله الثواب من الله
وسألني مرة، ونحن على السفينة الذاهبة بنا إلى بيروت: