كتب حضرة الأستاذ الجليل محمد عبد الله العمودي مقالة بعنوان (الساراكينوس) في الجزء الـ ٣٢٧ من (الرسالة)، ونَقَلَ عبارة المسعودي المأثورة عن نقفور الأول، ملك الروم، وهي:(وأنكر على الروم تسميتهم العرب (ساراقينوس)، تفسير ذلك: عبيد سارة، طعناً منهم على هاجر وابنها إسماعيل، وقال: تسميتهم عبيد سارة كذب. والروم إلى هذا الوقت (يعني سنة ٣٤٥) تسمي العرب (ساراقينوس). . . اهـ
قلنا: إن حضرة الأستاذ خُدع بما طُبع من نص هذا الكتاب، إذ نقل (ساراكينوس) أو (ساراقينوس) بمعنى العرب. والصواب أن قد وقع خطأ في طبع هذا الاسم وهذا الصواب هو (ساراكينوي) أو (ساراقينوي)؛ أي بياء في الآخر في مكان السين. وأما إذا كان اللفظ مختوماً بسين فيدل على الفرد لا على الجمع، كما هو مشهور في تلك اللغة.
٢ - معناها
وأما أن نقفور قال: معناها عبيد سارة، فهو من تأويله الخاص به، ولم يذهب إليه أحد من العلماء الأقدمين، ولا من المحدثين. وأنتَ عليم أن هذا الملك وُلِدَ في سلوقية العراقية، في جوار المدائن، وكان فيها يومئذ مدارس عامرة تضارع أشهر مدارس ربوع اليونان؛ فتبحَّر نقفور فيها كما تبحر في مطالعة التواريخ القديمة. ولو كان معنى هذه الكلمة كما يقول هذا الملك - (أي ساراكينوي)، أي مملوكات أو مماليك سارة، لكن لم ينطق أحد من المؤرخين أو المؤلفين بهذا اللفظ، اللهم إلا أن يكون قد نحِتَ وصُحِّفَ فقيل ما قيل. لكن يبقى أن هذا التأويل خاص بالملك نقفور دون غيره؛ ويدل على قوة فكره، وتضلعه من اليونانية، وتلاعبه بالألفاظ والتصرف في التخريج وأول هذا التأويل تزلفاً من الناطقين بالضاد، واستمالتهم إليه، إذ كان في حاجة إليهم يومئذ، واسترضائهم في ذلك العهد، وليس للمسعودي أدنى خيال في هذه المسألة. فهو إذاً ناقل لا قائل، والمسعودي مؤرخ أمين وفي، لا يستحق أن يغمز غمزات هو بريء منها.