للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[اقرأ معي]

للأستاذ إيليا حليم حنا

كان الملك هنري الرابع ملك فرنسا يقول دائماً للولاة والحكام:

أوصيكم بالفقراء والوضعاء خيراً فإنهم عماد المملكة ولولاهم لما كنتم ولما كنت أنا شيئاً يذكر؛ ففي استطاعتهم أن يستغنوا عنا؛ أما نحن فليس في استطاعتنا أن نستغني عنهم!

عندما حاصر الإمبراطورية (كنراد الثالث) دوق بافاريا وتغلب عليه وافتتح أمر رجاله بقتل الدوق مع كل رجاله الأخصاء فمثلت زوجة الدوق ونساء قصرها بين يدي الإمبراطور وطلبن منه أن يسمح لهن بالخروج من القصر إلى مكان أمين حاملات ما يقدرن على حمله. ولما سمح لهن بما طلبن خرجت كل واحدة منهن حاملة زوجها على ظهرها. فلما رأى الإمبراطور ذلك أعجب بأمانتهن وحبهن لأزواجهن وعفا عنهم.

كان قدماء اليونان إذا نبغ فيهم صانع أو شاعر أو خطيب أقاموا له الأعياد وسيروا المواكب ونظموا الحفلات وقدموا له تاج فخار مصنوع من أغصان الشجر المسمى بشجر الغار الذي كانوا يعتبرونه من الأشجار المقدسة الخاصة بالآلهة ولا سيما (أبولون) إله الشعر والفنون الجميلة. وكان القوم يهرعون إلى تلك الحفلات من كل جانب وينسلون إليها من كل حدب فيذهبون من برقة وصقليا وإيطاليا إلى أثينا للاشتراك في تكريم نوابغهم.

وكذلك كان الرومان، لكنهم كانوا يجعلون تلك الحفلات التكريمية مقصورة فيها للمحتفل به الهدايا والمكافآت.

على أن هذه كانت أيضاً من عادات العرب قبل الإسلام. قال أبو الحسن بن رشيق القيرواني في الجزء الأول من كتاب العمدة (كانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها وصنعت الأطعمة واجتمعت النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعون في الأعراس وبتباشر الرجال والولدان لأنه حماية لأعراضهم وذود عن أحسابهم وتخليد لمآثرهم وإشادة بذكرهم. وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد أو شاعر ينبغ)

وفي عهد الإسلام وخاصة في عصر الدولة العباسية رفع الخلفاء والأمراء قدر العلماء والشعراء وأجزلوا لهم العطاء. وروى عن المأمون أنه كان يعطي زنة الكتاب المترجم ذهباً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>