[عتاب شاعر]
طرقت بابك يا صاحب الرسالة حتى كلت كفاي، وقدمت بين يديك نخبة من أشعاري، فكان نصيبها الإهمال؛ وما زال يعاودني حنين إلى طرق بابك من جديد، ولكن اليأس أخذ على كل سبيل. وبين ثورة الحنين وهدأة اليأس، أخذ لساني يتمتم بهذه الأبيات:
ما بياني؟ لقد نكرت بياني ... وعراني من أمره ما عراني
قال لي صاحبي: بيانك فجر ... يبسط النور في الصوى والمغاني
كم نهبت الأسرار من عالم الغي ... ب وصوتها دُمى للعيان
فلسفي الحطْرات محتدم القل ... ب نزوع إلى شموس المعاني
ولك العالم الرحيب بجني ... ك ودنيا الهوى ودنيا الأماني
أن تعش حائل الرواء كئيباً ... ناكس الرأس دائم الأحزان
فلمن تبسم الحياة وتبدي ... عبقرياً من وشيها الفتان
إنها غادة تَبرج للنا ... س لتحظى باللحظ من فنان
انفض النوم من جناحك وانهض ... وازحم الطير في ذرى الأفنان
أنت شبابة الحياة على الأر ... ض فهدهد شعابها بالأغاني
قلت: دعني فقد نكرت بياني ... وعراني من أمره ما عراني
طاش سهمي لدى (الرسالة) ... بالأمس وأضحى قريبها غير دان
كان حلماً فبادرته الليالي ... كاشرات فمات في العنفوان
وهو صرح من الأماني بنينا ... هـ قوياً بالروح والوجدان
أرعشت سفحة الرياح اللواتي ... زلزلتني وطوحت بجناتي
في خضم الظنون والزبد الطا ... في تهاوت بزورقي موجتان
موجة اليأس ترتمي في مداها ... موجة الشك في سمو بياني
أين يا قائد الشباب إلى المج ... د طريقي وأين منه مكاني
أين يا باعث الطموح من الشر ... ق جناحي فقد مللت هواني
جئت أشكو إليك نفسك فاسمع ... ني فإنا يا ظالمي أخوان
أنت أيقظت بالروائع إحسا ... سي ففاض المستور من أشجاني
رضت بالفن مهجتي فتسامت ... عن قيود الدنى وسجن الزمان