للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذو العقل يشقى. . .]

للأستاذ محمود محمد شاكر

لولا أني أكره خلائق السوء، لما حملت هذا القلم لأرد به على هذا الذي تكلف مؤونة الجدال عن صاحبه، ولولا أنه كتب ما كتب في الرسالة، وهي مألف قديم يحن إليه هذا القلم، لما غلبني على ما أدبت به نفسي من هجر صغائر الأمور. ومن خلائق السوء عندي أن يجهد كاتب قلمه في نقد ما أكتب، ثم أغفل رده إلى الحق إن أخطأ، أو متابعته على الصواب إذا أصاب. ومهما يكن رأيي فيما كتب الأستاذ، فإني أجد الحق يلزمني أن أعود إليه بالتذكير والإبانة، غير متلجلج في استنقاذه مما تورط فيه، ولا مستنكف أن يكون في بعض كلامي هذا تكرار لما قلت، مما أرجو أن يكون إنما غفل عنه غير متعمد أن شاء الله. وأنا أقدم بين يدي الأستاذ الفاضل، معذرتي في أن أسامحه فيما وصف به ما كتبت، وما وقر في نفسه وأبان عنه بقوله إني اندفعت في سياق منبرتي، أسرد الأدلة الخطابية، وأستثير النوازع العاطفية. وكان خليقا به قبل أن يقول ما قال، أن يعرف أسلوبي فيما أكتب، ثم ينظر إلي بعيني مبصر متحقق: أصحيح أني ألجأ إلى الخطب المنبرية، والأدلة الخطابية، والنوازع العاطفية، أم الحق أني أتحرى أمرا أنا مسؤول عنه بين يديه سبحانه؟! وإذا كان كثير من الناس قد نسوا أنهم محاسبون يوم القيامة، فإني لم أنس بعد، وأسأل الله أن يعينني على أن لا أنسى، وإن عد الأستاذ الفاضل هذا الكلام أيضا خطبة منبرية، أو استثارة عاطفية!

ولعل قراء الرسالة، لم يقرؤوا ما كتبت في مجلة (المسلمون) ولست أحب أن أعيد عليهم ما كتبت هناك، ولكني أحب أن أبين لهم عن أصل هذا النزاع الذي نازعنيه الأستاذ الفاضل. وذلك أني رأيت كاتبا بسط لسانه بسطا عريضا في دين جماعة صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم: معاوية بن أبي سفيان، وأبوه أبو سفيان، وأمه هند بنت عتبة، وعمرو بن العاص. ثم أدخل معهم سائر بني أمية. وزعمت في هذه المقالة أيضا أني لن أناقش منهجه التاريخي: (لأن كل مدع يستطيع أن يقول: هذا منهجي، وهذه دراستي) وقلت: (وأيضا فإني لن أحقق في هذه الكلمة فساد ما بني عليه الحكم التاريخي العجيب، الذي استحدثه لنا هذا الكاتب، بل أدعه إلى حينه) وقلت: (بل غاية ما أنا فاعل: أن أنظر كيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>