للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

لحظات مع الأستاذ العقاد في كتاب (الله):

جاء في كتاب (الله) للأستاذ عباس محمود العقاد ما يلي: (ولا يرى علماء المقابلة أن عبادة الشمس كانت معدومة في أطوار الديانات القديمة، ولكنهم يقررون أن (ديانة الشمس) لم تنتشر في تلك الأطوار؛ لأنها تستلزم درجة من الثقافة العلمية والأدبية لا نتيسر للهمج وأشبه الهمج في أقدم عصور التاريخ الخ) ص (٢٩)

وإنني لأشذ عن هذا القول، وأعتقد أن ديانة الشمس كانت أكثر انتشاراً من غيرها في العهد البدائي؛ وذلك لعظم تأثير الشمس على حياة الهمج العامة، وبخاصة تأثيرها على الزراعة؛ إذ لا بد أن الهمجي قد لاحظ تأثيرها ولو بطريق الصدفة، ورأى كيف أن نبتة عاشت تحت أشعة الشمس قد زانها الازدهار والنمو؛ بينما الأخرى التي نمت في الظلال قد أصابها الذبول والاضمحلال. أليس في ملاحظة ذلك ما يدعو الهمجي إلى معرفة مصدر الخير وهو (الشمس) فيتجه إليها ويأخذ بعبادتها؟!

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلا أعتقد أن هناك من يستطيع القول بأن الهمجي كان قليل الاهتمام بالطوارئ التي تحدث أمامه؛ فلا يهتم للتغيير الذي تحدثه الشمس عند شروقها وغروبها في طقس إقليمه، بالإضافة إلى كونها هدفاً لأنظار الهمج على الدوام. فلا يعقل أن الهمجي كان يفترش أديم الأرض، وينام ملء جفنيه دون أن يفكر فيما يجري حوله وما يراه وما يحسه من التبديل الطارئ، ثم لا يقارن بين الحالتين: حالة شروق الشمس وما تبثه في الكون من الحركة والنشاط، وحالة غروبها وما يتبعه من سكون وهجوع!

كل هذا يحمل على الاعتقاد بانتشار عبادتها في ذلك الزمان. كما أني لا أرى أن للثقافة العلمية والأدبية تأثيراً في الأمر؛ لأن الإنسان يستطيع أن يعرف حقيقة بعض الأشياء دون معرفة بعلم أو أدب، كأن يحدث ذلك عن طريق الصدفة المحضة أو الإحساس الباطني الذي يتخيل حقيقة الشيء فيدفع الإنسان إلى الإيمان به.

لهذا كله أرجو من الأستاذ المعداوي أن يكشف لنا عن الحقيقة فيما ذهب إليه الأستاذ العقاد وفيما أدليت به من رأي، فقد أكون مخطئاً في اعتقادي وبخاصة إن كان هناك شيء خفي

<<  <  ج:
ص:  >  >>