للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العلوم الدينية]

بين القرآن وعلماء الإسلام

للأستاذ عطية الشيخ

المفتش بالمعارف

مصادر الإسلام أربعة، هي القرآن والسنة ولإجماع والقياس، ومن بين هذه الأربعة ثلاثة خلافية بين الفرق والمذاهب الإسلامية، تفاصيلها في علم الكلام لمن أراد البحث، أما المصدر المتفق على نصه فهو القرآن الكريم، والاختلاف في التفسير لا يضر، إذ القرآن الكريم كنز لا تفنى غرائبه، ولا تنتهي عجائبه. وكلما تقدم العلم، وارتقى الفكر، وانفتح مدى المعارف الإنسانية، وزادت تجارب الناس ومشكلاتهم، كلما حدث هذا، وضح ما في القرآن من إعجاز، وتبين للعقلاء أنه كلام رب العالمين (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله).

على أن هناك تفسيرا للقرآن لا يقبل الشك، وهو سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كانت أخلاقه القرآن، كما حدثت بذلك الصديقة رضي الله عنها. ولهذه السيرة تلاميذ، أحاطوا بها ولم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا أحصوها، وهؤلاء التلاميذ المخلصون، هم نجوم الأمة المنيرة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، انعكست عليهم أضواء شمس القرآن، بعد غروب بدر نبيه، واسترشدت بهم الأمة بعد فقد الصادق الأمين، فهدوها إلى صراط مستقيم، ورفعوا لواء الإسلام في كل حزن وسهل، وطافوا به كل مطرح ونشروه في كل واد، عالمين أنه سلوك يهدي لا جدل يردد، وقلب يصفي لا لسان يلوك، وسنة تتبع لا دروس تتلى، فأعجبت بسلوكهم الشعوب المنحلة، وشغفت بطريقتهم الأرواح المجهدة، واقتدى بهديهم المتعبون والمثقلون، ودخل أهل الدنيا في دين الله أفواجا، ولم يمض إلا عشرون عاما حتى كانت العربية لسان كل سنخ وجنس، والشريعة السمحة قانون كل صقع ودولة، والمسلمون مثلا أعلى لكل متعلم ومسترشد.

ثم أتخم الإسلام بكثرة ما حمل من أوشاب الأمم، ومختلف الحضارات، وما اثر فيه من مشاكل العلوم القديمة، والنحل المختلفة، وما دسه فيه أعداؤه من رجال الأديان الأخرى التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>