يعود ايفان كراز نوكين، وهو محرر متوسط في صحيفة يومية، دائما لمنزله في ساعة متأخرة من الليل مكتئبا حزينا، على سحنته الوقار وفي مشيته الجلال. وأحيانا تراه جامعا أشتات فكره مستغرقا بكليته في تصوره كأنما يترقب أن يفتش أو يفكر في الانتحار. ذرع عرض غرفته، ثم توقف ونفش شعره وقال في لهجة (لابرتس) منتقما لأخته (إنني حائر تعب ملتاع إلى ابعد قرارات النفس. إن الحزن يجثم على قلبي، ويهيمن على جسمي، ومع هذا فلزاما علي أن اجلس لأكتب. . وهذا ما يسميه الناس (العيش)
ليت شعري لم يصف كاتب حتى اليوم هذا الخبل الذهني المؤلم، وهذا
الاضطراب الفكري الشديد الذي يعذب روح المؤلف ويؤلم نفسه.
فعندما يكون حزينا حزنا يذيب لفائف القلب، يجب عليه أن يبعث
الجمهور على الطرب المستخف والسرور العظيم. وعندما يكون فرحا
يثلج الصدر ويبهج القلب يجب عليه أن يرسل الدمع الهتان وينفث
الحزن الدفين.
أجل! يجب علي أن أكون مرحا مستهترا لا أكترث لشيء ولا أحفل به. مليح النكتة بارع الدعابة عندما ينوء بي الهم ويقتلني الحزن. حتى إذا كنت (دعني أقول) مريضاً. . . إذا كان طفلي في نزعه الأخير. . . وكانت زوجي تنهشها الأحزان وتفترسها الآلام
لما فرغ من قوله هز جمع يده وأدار حماليقه. ثم دلف إلى المخدع وأيقظ زوجه. وقال:(ناديا!. . سآخذ في الكتابة. أرجو أن تحرصي على ألا يقاطعني أحد أو يمنعني من العمل إنسان. فما أستطيع الكتابة والجدي ينب والطاهي يغط! ثم قدمي أيظاً بعض الشاي وشريحة من اللحم، إذا أمكن، فأنت تعرفين أني لا أوفق إلى الكتابة إلا إذا شربت شايي، فالشاي وحده هو الذي يبعث في القوة على العمل.)
أخذ سمته إلى غرفته وخلع معطفه وصدريته وحذاءه. نضا عنه ثيابه بتأن تام. ثم كون ملامح وجهه حتى أصبحت تعبر عن الإنسان البريء المعذب (وجلس إلى مكتبه)