للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[جيوفاني بوكاشيو]

للسيدة الفاضلة ماهرة النقشبندي

١٣١٣ - ١٣٧٥

ولد جيوفاني بوكاشيو في باريس عام١٣١٣، كان والده في زيارة لتلك المدينة في مهمة تجارية. فقد أحب الوالد فتاة فرنسية تدعى (جان) وكان جيوفاني ثمرة هذا الحب الجامح، ولم يعرف من حنان هذه الأم أو ذكرياتها سوى بعض الحروف المتشابهة التي يحملها اسمه من اسمها، إذ عاد والده إلى فلورنسا بعد سنة من ولادته، وتزوج مباشرة بفتاة اسمها (مرغريتا) ولدت له ولداً شرعياً سماه (فرنسسكو). لقد كانت طفولة خالية من الحنان والرحمة والرعاية، فماتت في نفسه الغضة المعاني الإنسانية في الحياة لأنه لم يشعر بها، وهذا يفسر من ناحية نفسية قسوته الشديدة وتهكمه المرير وعبثه بالفضائل المعنوية التي يعلم أن البشر لا يعرفونها أبداً، في قصصه، وفي الأشخاص الذين تتصل بهم تلك القصص من قريب أو بعيد.

وقد قضى وقتاً غير يسير من طفولته في تسكانيا، ووقتاً في مسقط رأس والده، وحينماً في ضواحي فلورنسا، وخاصة في التلال حول فيزول، حيث كتب كتابه العظيم (دى كامرون) وأعماله الأدبية الأخرى. وأرسله أبوه إلى (نابولي) وهو لا يزال شاباً في الحادية والعشرين من عمره ليتعلم مهنة تكون عوناً له على حياته المقبلة. وهناك في تلك المدينة الساحرة، لقي صبيحة يوم السبت - المقدس في كنيسة القديس لورنزو - فياميتا الابنة غير الشرعية للملك روبرت ملك نابولي الملقب (بالعاقل)، فأحبها من النظرة الأولى حباً ملك عليه قلبه وحياته وجعله مسلوب اللب لا يعيش إلا لأجلها مدة اثنتي عشرة سنة، حتى ماتت عام ١٣٤٨ في الوباء المعروف في التاريخ الأوربي بالموت الأسود.

كان حبه يشابه في شدته حب بتراك للورا، وقد أوحى إليه هذا الوله العنيف جميع أعماله الأدبية الأولى، ومن بينها أول قصة سيكولوجية في التاريخ سماها (فياميتا المحبوبة).

وظهر ميله الأدبي المبكر وهو في نابولي، فرأى والده أن يوافق على رغبته في تعلم القانون، وأن يترك ما كان فيه، ولكن إفلاس والده المالي، وعودته مضطراً إلى فلورنسا عام ١٣٤١، أعاده إلى الأدب وحال بينه وبين المضي في دراسة القانون.

<<  <  ج:
ص:  >  >>