شاع في سوريا أن قوة كثيفة قادمة من الأناضول التركي يتقدمها كبار القادة والصدر الأعظم قد أعدها السلطان للقضاء على جيش إبراهيم باشا والقضاء على حركته التحريرية قبل أن يستشري شرها ويستفحل أمرها. وما كادت تتخطى هذه القوة حلب وتصل إلى منبج حتى تلقتها أيدي الصقور المصرية، فأسرت القادة ثم أسرت الصدر الأعظم نفسه، فتمزق ذلك الجيش الذي أطلقوا عليه جيش الخلاص والإنقاذ، ففر منه عائدا إلى تركيا، وأسر من أسر من أفراده، فكانت هذه النكسة للأتراك بمثابة فضيحة كبرى طمعت الدول الأجنبية بهم، وجعلتهم يطلقون على الدولة العثمانية الرجل المريض، فأزمعوا تقسيمها مذ رأوا أن عاملا من ولاتها استطاع أن يغلبها على أمرها ويضطرها إلى الاستعانة بهم. وكان من أمر الأجانب المستعمرين الطامعين ما كان من التدخل في شؤون الدولة العثمانية، وتغير وجه التاريخ، ولولا ذلك التدخل لرفرف العلم المصري فوق سراي يلديز مقر سلاطين آل عثمان ولتحررت البلاد العربية جميعها، فاستدعى محمد علي ولده إبراهيم إلى القاهرة ليتداولا في الأمر، وكان معه شاعرنا الجندي الذي سبقه اسمه إلى مصر وذاع خبره فيها، لأن قصائده في مدح الباشا القائد ووصف معاركه قد تنقلها الأيدي وتداولتها الأسماع، فلقى هناك من حفاوة شعراء ذلك العصر وأدبائهم ما جعله مغتبطا مسرورا بهذه الزيارة، فمدح أميرها بما جعله مرموقا في أعين أمرائها وزعمائها. ومما قاله في مدح محمد علي الكبير من قصيدة جاء فيها