للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من الصميم]

يا أختاه. . .

إلى الفتاة المصرية:

صحراء الحياة موحشة يا أختاه، تشيع في شعابها المخاوف وتتحفز على هضابها الوحوش، وتكمن في كهوفها الحتوف، وتحوم في سمائها العقبان. . .

ومرحلة الجهاد طويلة. . .

ونحن المدلجين في صحراء الجهاد ينقصها رفاق يحملون عنا بعض ما ننوء به حتى لا يأخذ منا الياس، ويحملون أمامنا المشاعل حتى لا نأخذ على غير الطريق.

نحن بحمد الله أقوياء ما سلبنا الألم الأمل وان طال وغلا، وما غلبنا اليأس على بعد الشقة واتصال المشقة. . . ولكن:

إذا الحمل الثقيل توازعته ... أكف القوم هان على الرقاب

في عنقك الجميل دين يا أختاه، وعلى عطفك الرقيق تبعة هائلة؛

إن كنت تؤمنين بحق الوطن فاستعدي لتعدي لمصر جيلا جديدا أمينا على الميثاق، متينا بالأخلاق قويا لا يهاب في سبيل مصر الموت، مؤمنا لا يرتاب في حق بلاده وصدق جهاده.

إن كنت أما: فعلمي طفلك الدين أولا، ثم حدثيه عن مصر، اقرئي له صحف المجد الأولى، صحف أجداده من سادة الزمان، وقادة العالم وشادة الهرم، لقنيه تاريخ الأبطال فربما نفعت الذكرى، حديثه عن (مصطفى كامل) المجاهد المؤمن الشاب كيف جاهد ولما يتخط العشرين فتداولته الوان العسف وتناولته ضروب الإرهاق، فلم يصرفه ذلك عن السبيل ولم يصدفه عن الغاية، حدثيه عن (محمد فريد) كيف ضحى في سبيل مصر بالمنصب والراحة والصحة والمال وكيف مات غريبا واهتفي معه: لتحيى الضحية!

فإذا فرغت من تاريخ إشراق النهضة فحدثيه عن انبثاق الثورة ففيها من روائع آيات التضحية وبدائع صفحات الوطنية ما يهز نفوس المخلصين فخرا، ويحفز نفوس الناكصين في طريق المجد. . هناك (سعد زغلول) حمل الراية في أعصب الظروف وقد تساقط من حولها المجاهدون وكان له في مناهضة الاحتلال ومعارضة أهله جولات لا يزال يذكرها

<<  <  ج:
ص:  >  >>