يعد العلامة أفان بتروفيتش بافلوف من أشهر رجال العلم الحديث. وقد تبوأ مكانة سامية ومقاماً ملحوظاً بين علماء روسيا.
بدأت شهرته كعالم فيسولوجي منذ سنوات عديدة، عندما شرح المبادئ الرئيسية لعملية الهضم، ونجح في ذلك البحث العظيم. وكان يحافظ على راحة الحيوان الذي يجري عليه تجاربه أثناء دراسته دورته الدموية. كان يقول إنه إذا تألم الحيوان أثناء إجراء الاختبارات عليه، فإن أعصابه المضطربة تؤثر في العمليات الفسيولوجية التي تحدث في جسمه. فإن الألم يمنع الغدد التي تمد المعدة بالعصارات الهاضمة من إفراز هذه العصارات إفرازاً طبيعياً. وكان هذا الأمر باعثاً له على محاولته التخلص من الألم. فانعدامه شرط من الشروط الرئيسية لنجاح البحث الفسيولوجي. ولذلك سنحت الفرصة لبافلوف - حينما أنشأ الأمير أولد نبرج معهد الأبحاث الفسيولوجية ببترغراد عام ١٨٩١ - أن ينشئ معملاً خاصاً ومستشفى بالمعهد ليمارس فيهما إجراء التجارب على الحيوان بأقل ألم. ويعد هذا المعمل الأول من نوعه في العالم.
وقد استطاع بافلوف في أوائل تجاربه على الدورة الدموية، أن يقلل بقدر المستطاع من آلام الحيوان أثناء إجراء العمليات الجراحية له، بطريقة فنية دقيقة. وكانت عملياته في العروق من السرعة بمكان حتى أن الكلب الذي كانت تجرى له هذه العملية لم يكن يشعر بها على الإطلاق. وتعود الكلب أن يقفز طواعية يوماً بعد يوم وفي عروقه أنابيب لقياس ضغط الدم، دون أن يشعر بوجودها.
وقد ساعدته مهارته الفائقة في الجراحة أن يثبت - عن طريق الاختبار - أن هناك أعصاباً معينة في الجسم تتحكم على الغدد التي تمد المعدة بالعصارات الهاضمة.
وكان بافلوف يدعو إلى دراسة التركيب الفسيولوجي للجسم الحي دون الإخلال من نظام عمله؛ ولذلك يقول: (نحن لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا بتحطيم التركيب الآلي للجسم الحي، بما فيه من أسرار خفية تحتل أفكارنا منذ زمن بعيد، بل طول حياتنا. فإذا كانت الميكانيكا