للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عادة الختان أصلها وتاريخها وانتشارها]

بمناسبة المنبوذين والإسلام

بقلم الدكتور مأمون عبد السلام

إنه لمن الصعب على المشتغلين بدراسة طبائع الأمم وأحوالها أن يهتدوا إلى تحديد العصر الذي بدأ فيه الإنسان يختتن. وهم لا يزالون في حيرة من الدوافع التي حملته على تلك العادة، فتقول فئة منهم إن بعض القبائل لجأت إلى الختان كعلامة تميز بها نفسها عن سواها كما يلجأ بعض قبائل السودان إلى تشريط خدودهم أو إلى اقتلاع إحدى أسنانهم القاطعة. ويعلله آخرون بأنه وقاية سحرية، ويظن غيرهم بأنه عقيدة دينية يضحي الفرد بمقتضاها جزءاً من جسمه فداء عن نفسه وتقرباً إلى ربه. ويعتقد آخرون بأنه ميزة أرستقراطية.

وعادة الختان عريقة في القدم، يدل على ذلك انتشارها في أنحاء قاصية من المعمور بين أجناس من البشر قد فصلت الطبيعة بعضهم عن بعض منذ أحقاب سحيقة. فلا تكاد تخلو قارة من شعوب تمارس تلك العادة، فتراها بين قبائل السود من سكان أستراليا، كما أنها توجد بين قبائل الجالا والفلاشه، يهود الأحباش، وبين غيرهم من قبائل الحبشة، وعند قبائل البانتو والمساي والكفار والناندي بأفريقيا، وقبائل الأوتاهيت وسكان جزائر التونجا والبولينزيا وجزيرة فيجي وكاليدونيا الجديدة.

ولما اكتشف الأسبانيون أمريكا منذ أكثر من أربعمائة سنة مضت وجدوا عادة الختان منتشرة بين أقوام الناهواطل وبين أمة الأزتيك سكان بلاد المكسيك القدماء كما شاهدوها بين سكان حوض نهر الأمازون بأمريكا الجنوبية.

وكان قدماء المصريين يختتنون من عصور غابرة قبل سنة ١٤٠٠ق م. فتراهم قد صوروا ولدين يختتنان على جدران معبد خونسو بالكرنك. وقد ذكر التاريخ أن مصر في عهد مربنبتاح قد غزاها قوم من سكان بحر الروم كانوا يختتنون.

والختان من مميزات الشعوب السامية وخاصة اليهود منهم، فقد كان بنو إسرائيل من قديم الزمان يختنون الرجال وقت زفافهم، فإذا أظهر العريس أي خوف أو وجل كن ذلك دليلاً على نقص في رجولته فتهجره عروسه وتلبسه المعرة. وقد علمت من بعض المعمرين أنه كانت العادة في بلدة التلين بمركز منيا القمح أن يختتن الرجل يوم زفافه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>