تفضلت (الرسالة) فدعتني إلى أن اجري بحديث في العدد الذي ترصده لرأس السنة الهجرية. ولم يجد طول التعذر بالمرض ولقس النفس وحرج الصدر. لقد أمر أصحاب (الرسالة) وكيف لي بعصيان أصحاب (الرسالة)؟. إذن فلأعص نفسي ولأنشز على وهني في طاعتهم والاستجابة لهم. وحسبي الله ونعم الوكيل ففيم كتب وماذا أكتب إذن؟
أقول في الأدب! سيقول فيه أصدقائي الدكتور طه، والأستاذ أحمد أمين، والأستاذ الزيات، وغيرهم من صفوة الأدباء. ولست احب لنفسي أن أكون فسكلا لا أبلغ السبق، إن أنا بلغته، إلا بعد جميع الجياد!
إذن أكتب في السيرة النبوية الكريمة، ونحن على شرف عام هجري جديد، يتجرد لذكراه هذا العدد العتيد! لا والله، ولن أخدع في هذا أيضاً بعد الذي كتب هيكل في (حياة محمد) وطه (على هامش السيرة)
لقد أصبح عليّ، بعد هذا، أن أتقرى السبل فأختار أعبدها لي، وأوعرها عليهم جميعاً، وهم ولا شك تاركي أجوز وحدي فأكون المجلي في حلبتي على كل حال.
سأحدث القراء عن بعض ما شهدت بنفسي مما يرجع إلى أكثر من خمس وثلاثين سنة. ولست أحسب أن أكثر أدباء العصر شهدوه لقصر أسنانهم. فمن قد علت به السن منهم فلعله ممن لم يكن هبط بعد القاهرة في طلب أواسط العلم وأعاليه. فمن تهيأ له منهم أن يكون في القاهرة، وهؤلاء من القليل أقل، فلعله كان في شغل من تحصيل العلم والاكباب على الدرس عن شهود هذا والاحتفال له. فان كان قد وقع لبعضهم هذا عفواً فهو عنده دون أن يجمع له همه ويطوي عليه قلبه، ويختزنه في نفسه اختزان البعير الطعام في جوفه ليجتر منه وقت حاجته.
لقد قدر لي، والحمد لله، أن اسمع من عظماء المغنين المرحومين عبده الحمولي، والشيخ يوسف المنيلاوي، ومحمد عثمان، والشيخ محمد الشنتوري، والسيد أحمد صابر، وعبد الحي حلمي، وإبراهيم القباني، واحمد حسنين، وأحمد فريد، ومحمد سالم. ومن الهواة السيد عبد السلام الدنف. وان أسمع من المنشدين ومن في حكمهم الشيخ سلامة حجازي، والشيخ