تيهي واثني أعطافك يا مصر، وميسي وجري أطراف الفخر، وازهي واهنئي بأطياف البشر ترفرف فوق قصور ربك، وتخفق على دور أهلك أبد الدهر؛ فهذا فاروق المحبوب المفدى، وفرقدك المشرق سؤدداً ومجداً، وسناك المعرق نبلاً وخلداً، يضم إلى آيات جلاله آية فريدة تتطامن لها العظمة، ويلبس من الطهر حلة وحيدة يختال بها فتهتف له الجلالة ويحصن دينه القويم؛ ومن غير المليك للدين حصناً، بالشمس طلعة والشرف ملكة، ويزين التاج بأنصع جوهرة في جيد المملكة، فتهفو لاسميهما المحبوبين أفئدة الأمة، وتقر بقرانهما السعيد السيادة والمعزة
وما تلك الزينات الموضونة، والأقواس المنضودة، والأعلام المرفوعة، والثرييات المؤتلفة المتلألئة، والكواكب المؤتلفة المتعانقة، إلا غيض من فيض شعور هذا الشعب المجيد بولائه السعيد بوفائه، وذرة من طود استبشاره الأشم، وغبطته بهذا القران الموسوم باليمن، المعقود بناصيته السعد. وإن دلت الاحتفالات على شيء فإنما تدل على أن الأمة لا يرضيها أن تعلن عن تعلقها بشخص فاروق العظيم، وولائها لعرشه المجيد، بالكلم الطيب ترتله، والدعاء الصالح ترفعه، والأهازيج تنشدها، والأغاني تنظمها، فحسب - بل بالبشر يفيض على كل محيا، والانشراح يفعم كل فؤاد، والسرور يملأ كل نفس، والزينات والثرييات يباهي بها كل بيت كواكب السماء ونجومها. ولو أتيح للشعب أن يعلن عن زهوه بمعقد مجده، وعن فخره بمناط سعده، وعن حدبه على موئل عزه بكل ما يشاء، لاستبدل بتلك الثرييات أفئدة وضاءة متألقة، يقرأ فيها رب التاج سطوراً من الحب المبين، ولجعل من أكباده مواطئ لقدميه؛ فالطنافس والبسط والخز والديباج، أدنى من أن تكون للمليك في ذلك اليوم الأغر موطئاً، ولصاغ للملكة الفريدة من أحداق العيون قلائد تزهو بها على خرائد الماس والجوهر؛ ولكن حسب الشعب نعماء أن مليكه يشعر بما يضفيه عليه من الولاء
ولا يقف بنا الفرح الزاخر والسرور الساحر عن استخلاص بعض آيات القران الباهرة، وبيناته الواضحة الرائعة، التي ستخلعها على الأخلاق فترى فيها مجداً، وتضفيها على الدين فيستعيد عزة وسعداً