أحبها فبادلته حبه، فراحا يرشفان أكؤس الغرام تحت ظلال الأشجار الباسقة.
في أفياء الأدواح المنتشرة غنى لها لحن غرامه. فسمعه الطير على غصنه، وأنصت له العصفور على فننه. اختلسا النعيم ساعات معدودة. حتى رمى الدهر سهم التفرقة، فسافرت بعيدة عنه إلى باريس.
انتظر كتابا منها يطمئنه على صحتها يرجع الأمل إلى صدره، والى فؤاده أشعة الحياة. ولكن ساعي البريد أتاه بكتاب نعيها.
مسكينة؟! أماتت (جولي). أو يموت من عاش لأجل الحب؟ لم يصدق عينيه. سار يخبط خبط عشواء، يردد ألفاظها، يقف الساعات الطوال مكانه يرجع أنشودة غرامها.
إنها أمل رحل. وحب مقيم)
نظم قصيدته (الخلود) ' فكانت قطعة من قلبه الملتهب، ونشيدا لفؤاده المضطرب.
قضت (الفير)(كما يدعوها) نحبها. فدبت إلى جسم (لامرتين) يد المرض.
كان في ريعان الشباب. ظن نفسه أنه على طريق الآخرة يسير. فلذا جاءت قصيدته (الخلود) جامعة لشتى معاني الفلسفة، والحب والجمال، والخلود، والحياة والموت.
إلى جولي
شمس حياتنا اصفرت وهي في فجرها. ترسل على جباهنا الذابلة ووجوهنا المنهوكة المتعبة أشعتها المضطربة، وأضواءها الحائرة، التي تغالب طلائع الظلام وتناصب هواجمه. الظل يمتد، النهار يموت؛ كل شيء يزول، وكل شيء يفر ويحول.
كم يهلع المرء لهذا المنظر الرهيب ويرتجف! لشد ما يتراجع وهو راعن الأوصال مضطرب الفؤاد عن شاطئ الهاوية الماثلة أمامه! بل لكم يخفق قلبه الضعيف، إذ ينصت من بعيد لتلك الأنشودة المظلمة!