للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

مطاردة. . .!

للقصصي الإنجليزي سومرست موم

بقلم الأستاذ محمد عبد اللطيف حسن

عندما أرست بنا السفينة على ثلاثة أميال من الشاطئ الشمالي لجزيرة بورنيو، تقدم ربانها نجوى ومد يده إلى مصافحاً وتمنى لي حظاً سعيداً طيباً. فانتهزت بدوري هذه الفرصة التي بذلها نحوي في خلال تلك الرحلة الطويلة المتعبة، ثم أخذت طريقي هابطاً سلم السفينة التي كانت مزدحمة بالركب ذوي الأجناس المختلفة والنحل المتعددة. وكانت هذه السفينة من تلك السفن الشراعية الكبيرة ذات الأشرعة الواسعة الرحبة المصنوعة من خشب الخيزران المجدول. وتذكرت حينئذ أمتعتي فنظرت إلى المقر الذي كانت موضوعة فيه في أحد جوانب السفينة، فوجدتها قد أنزلت إلى القارب الذي سيقلنا إلى الساحل ووضعت في مكان ظاهر فيه

ولما اكتمل عددنا في القارب لوحت بيدي لربان السفينة الذي أخرج من جبيبه في تلك اللحظة منديلا أبيض وأخذ يلوح لي به مبتسما في الفضاء الواسع العريض، وقلدني باقي الركاب الذين كانوا معي في ذلك، فأخذوا يلوحون له وللركاب الذين تركوهم يستأنفون سفرهم على سطحها بأيديهم طوراً، وبمناديهم الصغيرة البيضاء طوراً آخر، ودموع الفرح والغبطة تترقرق في عيونهم التي كان يشع منها بريق السعادة والسرور وما زلنا على هذا الوداع المؤثر الحار حتى اختفت السفينة عن أبصارناً أختفاء تاماً، وأصبحت تتراءى لنا لبعد المسافة التي كانت تفصلنا عنها كأنها شبح من الأشباح القاتمة السواء.

ولما اقتربنا من الساحل تتراءى لي عن بعد أشجار جوز الهند المحملة بذلك الثمر الشهي الذي يكثر زرعه في تلك الأنحاء، ورأيت من خلالها سقوف الأكواخ الخشبية الرمادية اللون التي يقطنها أهالي هذه المنطقة الاستوائية الحارة. وأشار لي وقتئذ أحد الصينيين الذين كانوا أبيض كبير قائم على مقرية من الساحل وسألني بالإنجليزي التي كان يتكلمها بطلاقة وصدق كأحد أبنائها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>