لقد نديت عيني بالدمع، وأحسست بقلبي كأنه يريد أن يثب من بين
جوانبي وثبا وأنا استمع لزعماء العرب وقادتهم وهم يتحدثون في
اجتماعهم الأول بوزارة الخارجية المصرية عن العمل لإنقاذ فلسطين
وصيانة ذلك الوطن المقدس من طغيان الصهيونيين والاستعماريين. ..
قال لي سماحة الحاج أمين الحسيني: لقد حان وقت العمل، ولابد أن يلعب السيف دوره، وإذا تكلم السيف فاسكت أيها القلم. . . وسننتصر. . . ولابد أن ننتصر. . . وان ينصركم الله فلا غالب لكم. . .
وقال لي سعادة الأستاذ عبد الرحمن عزام باشا: حتى أنت تريد مني أن أتكلم! إننا في ميدان العمل، وإنها لكرامة العرب قاطبة، وانه لكيان العروبة في سائر أقطارها وانصارها، وانه لتراث الأباء والأجداد نحمله أمانة بين أيدينا، وان دماءنا لأقل ما يبذل في سبيل هذا كله. . .
لم اكن اسمع كلاما، ولكني كنت أرى نفوسا تتوثب بالإباء في قوة وعزيمة، وقلوبا تتدفق بالحياة في إصرار وحزم، وعواطف ثائرة متأججة كأنها زفير الجحيم على الظلم والطغيان، فأيقنت أن الروح العربية لا تزال بخير والحمد لله، وان العرب لن يضاموا ما دامت فيهم هذه الروح التي ورثوها عن آبائهم الصيد، وأجدادهم الصناديد، وان فلسطين لت تذل مادامت تحميها هذا الروح وتصونها من تناوش الذئاب.
لن يسرق العرب تحت عين الشمس مرة أخرى، ولن تذهب فلسطين فريسة في سوق السماسرة والتجار، ولن تنحني هاماتنا بعد اليوم أمام التهديد الغاشم والوعيد الظالم، فقد تيقظ العرب، وإذا تيقظ العرب، فالويل للاستعمار وصنائع الاستعمار! أنني وحدي انفرد من بين أبناء العربية فاحمد لهيئة الأمم قرارها، وأزجى الشكر أضعافا إلى الأمم التي أيدت قرار التقسيم، لأنها بهذا نادت على العرب أن يتيقظوا، وأثارت فيهم روحا كان يهدي من