إن التفاعل بين الأفكار الإسلامية والغربية موضوع على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للعرب فضلاً عن الأتراك الذين احتلوا مركز الصدارة في العالم الإسلامي خمسة قرون. . .
اتصل الأتراك بالإغريق، بعد دخولهم الإسلام في أوائل القرن الحادي عشر، ثم عن طريق الفلاسفة، وفي السنوات الأولى من العهد الإسلامي كان الأتراك في شك من نجاح الإسلام المطرد. بيد أن مقدرة الدولة العربية على تنظيم شئونها الاقتصادية والاجتماعية وقفت أمامهم، ثم إن (شخصية) الإسلام الواقعية والحازمة لاءمت المزاج التركي. ولقد دافعوا في يوم من الأيام بحرارة عن دينهم الجديد.
ويرى البيروني - أكبر رياضي القرن الحادي عشر - أن الحضارة الإسلامية كانت امتداداً للحضارة اليونانية. ومع ذلك يجب أن نقرر أن المؤثرات اليونانية كانت ضعيفة، إذ كتب الفلاسفة وناقشوا المشكلات الفلسفية واللاهوتية، لكن الفكر الإسلامي لم يتقدم إلا بين الجماعات المعارضة وبين هؤلاء الأحرار الذين اشتهروا في تاريخ الإسلام مثل المعتزلة أو العقليين.
ولعل الفارابي - الذي لا ينسى أصله التركي - أحد الفلاسفة الإسلاميين الذين حاولوا شرح الأفكار الإسلامية كما جاءت في القرآن مع فلسفة أرسطو وأفلاطون. فقد كان أول فيلسوف إسلامي أعطى أهمية كبرى للأفلاطونية الحديثة في الفلسفة الشرقية، كما كان أول من عرض مشكلة العلاقة بين الروح والعقل. وجاءت أعمال الغزالي في القرن الثامن عشر مكملة لأعمال الفارابي. وتطورت الروحانية حتى الأزمنة الحديثة واتخذت في النهاية شكلاً مغايراً، وتميزت بتغلب العاطفة على العقل، ثم فقدت طابعها الفلسفي.
بلغ الفكر الإسلامي هذا الطور في القرن الثالث عشر حينما سيطر السلاجقة على هضبة آسيا الصغرى، وهم سلالات الأتراك العثمانيين وأجداد سكان تركيا الحاليين. وكان يدرس في مدارسهم الفقه والإلهيات فحسب، وتشكلت الدراسة دائماً بطابع القرآن الكريم والسنة