إن تلاميذنا وطلابنا لا يعرفون شيئا حقيقيا عن الأحداث الجارية في وطنهم اليوم، بسبب أنهم لا يعرفون شيئا حقيقيا عن الأحداث الجارية في وطنهم اليوم، بسبب انهم لا يعرفون شيئا حقيقيا عن تاريخ بلادهم، ولا عن الأسباب والملابسات البعيدة، التي عنها نشأت الأحداث الجديدة.
لقد تآمر جماعة من المرتزقة - من مؤلفي كتب التاريخ المدرسية، مع العهود الظالمة الباغية التي أظلت مصر منذ عهد محمد علي، على كتابة تاريخ مزور، يطمس الحقائق ويشوها، وبذلك بقيت طبيعة الفترة ما بين سنتي ١٨٠٠ - ١٩٥٠مجهولة لدى جميع الأجيال التي خرجتها المدارس المصرية في ذلك العهد الطويل. والقليلون الذين اطلعوا على مراجع أجنبية لم تمتد إليها يد التزوير المصرية، لم يكونوا يملكون إذاعة الحقائق، لأن سيف الطغيان كان مصلتاً على الرقاب!
لقد كان الأستاذ الكبير عبد الرحمن الرافعي هو أجرأ من كتبوا عن تاريخ هذه الفترة. ولكن هنالك حقيقتين يجب أن نعرفها:
الحقيقة الأولى: أن الأستاذ الرافعي لم يكن يملك أن يقول كل شيء عن الحكام من أسرة محمد علي؛ لأن هنالك أشياء كان يعاقب عليها القانون لو قيلت. في أي تعبير وعلى أي شكل. ولم يكن يسمح بطبعها ونشرها في أي عهد من العهود.
وأذكر على سبيل المثال أن المؤرخ أحمد شفيق (باشا) كانت له مذكرات من أواخر عهد إسماعيل إلى آخر عهد عباس الثاني. وكنت أشتغل معه في إعداد هذه المذكرات للنشر. وكانت تحتوي على شناعات ليست المخازي الأخيرة لفاروق إلا طرفا منها وامتدادا لها. ففي هذه الأسرة لوثة وشذوذ لا شك فيهما لمن يتتبع تاريخ أفرادها. وكنت أحاول أن أنشر شيئا من الحوادث الكثيرة الواردة بتلك المذكرات الخطية. ولكن القوانين التي سنها الملوثون لحماية أنفسهم وعروشهم كانت تحول بيني وبين هذا. لأن الرجل كان قد ائتمنني على مذكراته، ولم يكن من الأمانة أن أعرضه وهو شيخ كبير للاتهام والمحاكمة! ومرة