- لا تنهري القطة بهذه القسوة. كوني صاحبة إحساس وكوني ذات رحمة
- أرحمة بلصة تسرق طعامي؟
- ليس مكتوباً عليه بلغة تقرأها هي أنه طعامك، وإنما هو عندها رزق يسره الله
- ولكنها كانت تدب إليه مشفقة حريصة محاذرة متنبهة متلفتة يمنة ويسرة كاللص الذي يدرك حين يعتزم السرقة أنه يعتزم المنكر
- هي معذورة فقد تعلمت هذا التلصص منا؛ فهي لا ترانا نفترس ما نأكل وإنما ترانا نربي الحيوان والطير ثم ندب إلى فريستنا منهما دبة اللص فنختلس حياته اختلاساً لا يسبقه صراع، ولا يسبقه إنذار. . . ولم يكن القط هكذا إلا منذ استأنس، وقبل ذلك كان يفترس، أو يأكل ما يخلفه كبار السباع
- وهل في القط ذكاء يدرك به هذا كله؟. . .
- إن الأمر لا يحتاج إلى ذكاء، وإنما هو يحتاج إلى إحساس. ألست تدخلين على جماعة من الناس فتعرفين إذا كانوا على حزن أو على فرح، أو على صدق أو على غش؟!
- قد أعرف ذلك مما أرى في وجوههم من أثره. . .
- ومن الناس من يعرف وهو مطرق إلى الأرض، ومن الناس من يعرف وهو مغمض العينين والأذنين، ومن الناس من يعرف وهو على البعد لا يتمكن من نظر ولا سمع
- باللاسلكي؟!
- نعم؛ ففي قلب كل مؤمن جهاز يدله، ومن هذه الأجهزة طويل الموجة، ومنها ما هو متصل بتيار لا ينقطع، ومنها ما يعبأ (ببطاريات) تفرغ وتملأ، ومنها ما يستقبل القريب فقط، ومنها ما يستشف المحطات البعيدة. . . وهكذا، فالكون كله إذاعات واستقبالات جلّت على ماركوني وإن سلست للأستاذ حسن كامل