[غناء الطيور بين العلم والأدب]
للأستاذ ضياء الدخيلي
(بقية المنشور في العدد الماضي)
وظن بعض الشعراء غناء الحمامة نوحاً لفقد إلفها الذي فارقها فأخذ يطارحها الزفرات ويواسيها بنواحه قال الشبلي.
رب ورقاء هتوف في الضحى ... ذات شجو صدحت في فنن
ذكرت إلفاً وعيشاً سالفا ... فبكت حزناً فهاجت حزني
فبكائي ربما أرقها ... وبكاها ربما أرقني
ولقد تشكو فما أفهمها ... ولقد أشكو فما تفهمني
غير أنى بالجوى أعرفها ... وهى أيضاً بالجوى تعرفني
أترها بالبكا مولعة ... أم سقاها البين ما جرعني
وقال ابن عبد ربه.
فكيف ولى إذا هبت الصبا ... أهاب بشوق في الضلوع دفين
ويهتاج منه كل ما كان ساكنا ... دعاء حمام لم تبت بوكون
وإن ارتياحي من بكاء حمامة ... كذي شجن داويته بشجون
كأن حمام الأيك لما تجاوبت ... حزين بكى من رحمة لحزين
وقال ابن سنان الخفاجي.
وهاتفة في ألبان تملى غرامها ... علينا وتتلو من صبابتها صحفا
عجبت لها تشكو الفراق جهالة ... وقد جاوبت من كل ناحية إلفا
ويشجى قلوب العاشقين حنينها ... وما فهموا مما تغنت به حرفا
ولو صدقت فيما تقول من الأسى ... لما لبست طوقا ولا خضبت كفا
وقال مجنون ليلى.
ألا يا حمامات اللوى عدن ... عودة فإني إلى أصواتكن حزين
فعدت فلما عدن كدن يمتنني ... وكدت بأشجاني لهن أبين
فلم تر عيني مثلهن بواكياً ... بكين ولم تذرف لهن عيون