للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كان لمصر أسطول]

فهل يعيد التاريخ نفسه؟

للأستاذ محمد عبد الله عنان

كانت مصر بين الدول التي دعتها الحكومة البريطانية إلى الاشتراك في حفلة العرض البحري الكبرى التي أقيمت لمناسبة تتويج جلالة الملك جورج السادس، ولكن مصر اعتذرت عن إجابة هذه الدعوة لأنها لا تملك من الوحدات البحرية اللائقة ما يصلح لاشتراكها في مثل هذا الحفل الدولي العظيم

وبالأمس احتفلت مصر بتتويج جلالة مليكها الفاروق احتفالا رائعاً يذكرنا جلاله وروعته بمجد عصورنا الذاهبة وعظمتها، وروعة أيامها ومناسباتها المشهودة؛ واشترك الجيش المصري الباسل بوحداته البرية والجوية في هذه المناسبة السعيدة اشتراكا يذكرنا بماضيه العسكري الباهر، ويبعث إلى الأمل في أن يغدو سراعا كما كان في الماضي درع البلاد وحصنها الحصين

ولكنا لم نسمع للأسف صوت الأسطول المصري، ولم نشهد أثره في تلك المناسبات العظيمة لأن مصر لا أسطول لها

هذه الحقيقة المؤلمة يجب أن تلفت أنظار مصر المستقلة إلى مركزها الدقيق بين دول البحر الأبيض المتوسط، وإلى ما يمكن أن تواجهه في المستقبل من الأخطار من هذه الناحية خصوصاً في هذا العصر الفياض بالتطورات والاحتمالات السريعة، وفي هذه المياه التي تنذر من آن لآخر أن تضطرم بكدر الخصومات والمنافسات التي تتفاقم عواملها يوماً بعد يوم

فمصر بلد بحري بلا ريب تمتد شواطئه إلى مسافات بعيدة على طول البحرين التاريخيين العظيمين: بحر الروم أو البحر الأبيض المتوسط، وبحر القلزم أو البحر الأحمر؛ وقد لعب هذان البحران العظيمان منذ فجر التاريخ في تاريخ مصر وفي مصايرها أدواراً خطيرة؛ وسوف يلعب كلاهما بلا ريب دوره الخطير في مستقبلها

وقد شعرت مصر دائماً بمركزها البحري الخطير في هذين البحرين، فكان لها منذ أقدم العصور أساطيل حربية تجوس خلال هذه المياه وتذود عن شواطئها، وأساطيل تجارية

<<  <  ج:
ص:  >  >>