استفاض الحديث في مصر وفي الشرق العربي، بل في العالم أجمع عن فارس الخوري ممثل سورية في مجلس الأمن ورئيس المجلس في دورته الحالية، واستفاض الثناء عاطراً في جميع الدوائر على ما أبدى في هذه الرياسة من أصالة وكياسة، وشهدت البرقيات التي أذيعت في العالم بأنه (خير من رأس المجلس إلى الآن، وأنه يدير دفة الاجتماعات بدقة فائقة تتلخص في التقليل من الكلام والإكثار من العمل وحسم الأمور حتى استطاع أن يعمل في ثلاثة أسابيع ما لم يستطعه أحد من رؤساء المجلس السابقين. .).
وفارس الخوري - بارك الله في حياته - في الثامنة والستين من عمره الآن، وهو من الرعيل الأول من رجال الوطنية في سورية. وكان محامياً في دمشق، وكان أستاذاً في كلية الحقوق، وكان وزيراً مراراً، ورئيس وزارة =، ورئيس المجلس النيابي، ولكن قلَّ من أبناء هذا الجيل من يدري أن هذا السياسي المحنك كان في مطلع حياته من الشعراء النابغين والكتاب المبرزين، وأنه في مطلع هذا القرن، أي منذ أربعين عاماً، كان يملأ صحف مصر وسورية بمنظوماته وكتاباته، وإني لأذكر له من ذلك تخميساً لنونية ابن زيدون المشهورة نظمه في سنة ١٩٠٦ وفيه يقول:
الطيف في النوم يرضينا إذا عبرا ... إن عزت العين صرنا نطلب الأثرا
لا تعجبوا إن صبرنا نحمل القدرا ... إنا قرأنا الأسى يوم النوى سورا