إن للمجتمع تقاليده، وللسلوك آدابه، ولهذه التقاليد والآداب احترامها، ولا يحاول الشذوذ عنها إلا أولئك الذين نكبوا بقصور في عقولهم، وسقم في ألبابهم، وعتو في تفكيرهم
وتربية القرآن النفس على مراعاة المجتمع وآداب لسلوك فيه تقديرا وإكبارا له - ولا جدال في أن العجب لآخذ منك مأخذه حين ترى القرآن يلم بهذه الآداب دون أن يغادر منها صغيرة ولا كبيرة، محاولا صقل النفس بالذوق السليم وطبعها بالطابع المحمود
فالجالسون يجب عليهم أن يتفسحوا في المجالس ليجلس القادمون، وينهضوا وقوفا إذا لم يكن هناك أماكن لجلوسهم، لأن الذوق السليم والمروءة تقتضيان هذا وتحتمانه عليهم:
(يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فأفسحوا يفسح الله لكم، وإذا قيل انشزوا فانشزوا، يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات. . .) والزائرون يجب عليهم الاستئذان قبل الدخول، والتسليم إذا أذن لهم - كما يجب عليهم المبادرة بالرجوع من حيث أتوا إذا لم يجدوا أحدا، أو وجدوا ولكن لم يؤذن لهم، وذلك أصون لكرامتهم وعورهم، واكرم لشرفهم ومروءتهم:
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون - فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا، هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم)
والخدم والأطفال يجب أن يكون لاختلاطهم بالنساء والفتيات حد داخل البيوت، وإن كانت المصلحة تقتضيه، فأوقات النهوض من الفراش، والإواء إليه أوقات دقيقة قد تكون كل من المرأة والفتاة فيها بحالة لا يحسن رؤيتها عليها:
(يا أيا الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانهم والذين لم يبلغوا الحلم منك ثلاث مرات: من قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء، ثلاث عورات لكم، ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن، طوافون عليكم بعضكم على بعض، كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم)