للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحمام الزاجل]

للأستاذ أحمد رمزي بك

في الحروب الحديثة:

يعتمد فن تحريك الوحدات الكبرى وسوقها للقتال على شبكة من طرق الاتصال أصبحت بعد استعمال الراديو بأصنافه مع التلفون العادي والتلغراف عملا من أدقِّ وأصعب الأعمال لضبط المخابرات ونقل المعلومات وتوجيه الأوامر، وتصبح هذه الآلة المحكمة التنظيم عرضة للوقوف والتعطيل إذا اشتبكت الوحدات العسكرية في معركة حاسمة؛ إذ هنا تفرض الحرب نوعاً من المفاجآت قد تعطل كل ما أنتجه العقل البشري من مخترعات: ويبرز الحمام الزاجل كواسطة لنقل المعلومات لا يمكن إغفالها.

نعم إن الحرب الحديثة، الخاطفة أو الثابتة أمام الحصون، الزاحفة أو المتراصة، الهجومية أو الدفاعية بأصنافها المختلفة، تخلق أحياناً من الظروف الطارئة ما يشل عمل هذه الوسائل المستحدثة التي أوجدها العلم والتي يستطيع العلم وحده أن يبطل أثرها، فيحتم على المقاتلة العود إلى استعمال أساليب القدماء التي خيل إلينا أننا تركناها ومن بينها الحمام الزاجل الذي قد يصبح الوسيلة الوحيدة التي نتمكن بواسطتها من إنقاذ موقع محاصر أو نقل رسالة هامة يتوقف عليها مصير جيش من الجيوش أو نتيجة معركة ناشبة.

نظامه في الجيوش:

لذلك أصبح للحمام الزاجل أنظمة محكمة في جيوش العالم؛ فقد رأيت في الحروب الماضية والحرب الأخيرة عدة أبراج متنقلة للحمام مركبة على السيارات، وعرفت أن كل برج منها يحوي مجموعة من الحمام تقرب من المئة وأنها مقسمة ثلاثة أسراب:

سرب غائب، وآخر يستريح، وثالث كاحتياطي. وكانت حمائم كل سرب توزع على ثمانية مراكز أو تسعة يراعى في ترتيبها أن تكون على صف واحد بين الأبراج وتتناوب الحمائم الانتقال والتمرين عليها لنقل الرسائل.

ويقوم على خدمة الحمام جنود مدربون لهم صبر على تربيته ومران على تعليمه والاستفادة منه. والحمام الزاجل أليف يسهل تعويده وتدريبه على الرحلات ما دامت الأبراج ثابتة، أما

<<  <  ج:
ص:  >  >>