للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فردريش شيلر]

بمناسبة احتفال ألمانيا بذكراه

للأستاذ محمد عبد الله عنان

منذ عامين احتفلت ألمانيا بذكرى شاعرها الأكبر (جيته) لمناسبة مرور قرن على وفاته؛ وتحتفل ألمانيا اليوم بذكرى شاعرها الثاني (شيلر) لمناسبة مرور مائة وخمسة وسبعين عاماً على مولده. وإذا كانت حياة الخالدين تمثل دائماً في الأذهان المستنيرة، فإن الاحتفاء بهذه الذكريات يضاعف الاهتمام بسيرتهم وآثارهم. ومن ثم فأنا نلتمس هذه المناسبة لنأتي على ترجمة الشاعر العظيم.

كانت حياة شيلر صفحة مؤثرة من ذلك الكفاح الذي يضطر إلى خوضه أصحاب المثل الأعلى حتى يفوزوا بمثلهم أو يزهقوا دونها؛ وقد أنفق حداثته وشبابه في خوض هذا الغمار، حتى إذا اكتملت له أسباب الفوز والطمأنينة، غادر هذه الحياة شاباً في إبان ظفره، وذروة خصبه، وروعة شاعريته؛ وكان مولده في العاشر من نوفمبر سنة ١٧٥٩ في مدينة مارباخ الواقعة على نهر نكز في أسرة رقيقة الحال؛ وكان أبوه يوهان كاسبار جراحاً مساعداً في الجيش، استقر في مارباخ بعد عوده من الحرب وتزوج اليزابيث كودفايس، وهي ابنة صاحب فندق؛ فرزق منها أولاً بابنة تدعى اليزابيث؛ ثم كان مولد الشاعر، ثم ابنة أخرى تدعى لويزا. ونشأ الطفل فريدريش أو فرتز (شيلر) ضعيف البنية، كثير الحياء والوجل، وتلقى دروسه الأولى في مدرسة لورش، ثم انتقلت الأسرة إلى مدينة لودفجسبورج حيث نقل الأب، وكانت يومئذ مقام دوق فرتمبورج؛ وهنالك التحق شيلر (بالمدرسة اللاتينية)، وبدأ دارسة الأدب واللاتينية، وقرأ هوراس وأوفيد وفرجيل؛ وكان لأستاذه القس موزر أثر كبير في تكوينه. وفي سنة ١٧٧٣ دخل شيلر (أكاديمية كارل) التي أسسها الدوق في شتوتجارت، ودرس الحقوق أولاً ثم الطب والتاريخ، وأظهر تفوقاً في اليونانية واللاتينية؛ بيد أنه لم يكن ميالاً إلى هذا النوع من الدراسة، وكان شغوفاً بالأدب، تهجس به في أوقات فراغه شاعرية قوية؛ وكان يكثر من قراءة هومير وفرجيل وكلوبشتوك شاعر ألمانيا في هذا العصر، وبتأثر تفكيره أيما تأثير. وفي ذلك الحين ظهرت قطعتان مسرحيتان قويتان هما: (أوجولينو) لجرستنبرج، و (جتزفون برلنخجن) لجيته؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>