نشرت (الرسالة) بعددها الأخير لأديب أظنه أحد طلبة المدارس تعليقات على مقالي بعث القديم. ولم يكن هذا المقال يقصد إلى تحقيق جزئيات بل إلى استخلاص حقائق عامة بقيت بنفسي من تدريس الأدب المصري المعاصر بالجامعة. والظاهر أن الطالب الأديب لم يفهم ما قصدت إليه فحشد كتبه المدرسية ليحتاجني بها
قلت:(إننا لم نستطع أن نستخدم الطباعة إلا في سنة ١٨٢٢) وفي موضع آخر، (إننا لم نستخدمها على نحو مطرد إلا منذ سنة ١٨٢٢) والمعنى واضح، فالمقصود هو ابتداء طبع الكتب. وهذا ما يثبته ما نقله جرجي زيدان في تاريخ الأدب العربي الجزء الرابع ص ٥٨ عن بيانكي إذ قال (إن أول ما طبع كان قاموساً إيطالياً عربياً سنة ١٨٢٢)، وأضاف جرجي زيدان إلى ذلك في نفس الموضع أنه (اطلع في مكتبة محمد بك آصف بمصر على كتاب في صباغة الحرير ترجمة القس رفائيل راهب عن الفرنسية وطبع في بولاق سنة ١٨٢٢) وإذن فما قلته صحيح. ومع ذلك يأتي الطالب الأديب فيخبرني مشكوراً أن كتب التاريخ حتى ما كان في أيدي صبية المدارس الابتدائية تذكر أن مطبعة بولاق أسست سنة ١٨٢١. وهذا ما لم أتحدث عنه. ومع ذلك فأنا أخبر الطالب الأديب دون أن أنتظر منه شكراً أن كتب صبية المدارس التي اطلع عليها كذابة وأنه قد اكتشفت منذ عشر سنوات ببولاق لوحة تركية دون فيها تاريخ افتتاح مطبعة بولاق ونشر صورتها الدكتور إبراهيم عبده في كتابه عن (تاريخ الوقائع الرسمية)، وهي تثبت أن هذه المطبعة قد افتتحت سنة ١٨١٩ - ١٨٢٠لا سنة ١٨٢١ كما حدثته كتب صبية المدارس
وذكرت أن (أقدم الجمعيات التي تألفت لنشر الكتب وهي جمعية المعارف التي أسسها محمد عارف باشا لا ترجع إلى أبعد من سنة ١٨٦٠) وإيراد التاريخ على هذا النحو لا يفيد تحديداً ومع ذلك لم يفهم الطالب الأديب فقال وكتبه المدرسية بيده إن مؤسس الجمعية هو إبراهيم بك المويلحي وإن تأسيسها كان سنة ١٨٦٧ والأمر لم نتركه بغير تحديد إلا لأنه ليس من البساطة بحيث يظن الطالب الأديب، ونحن لم نكن بحاجة لذلك التحديد لتستقيم المحاجة، ولهذا لم نقف عنده. وفي المرجع الذي أشرنا إليه فيما سبق يذكر جرجي زيدان