[هذا العالم المجنون]
للأستاذ يوسف أسعد
إلى السَّلم يُدعى فلا يسمعُ ... ويُعطي الكثير فلا يقنعُ
وتأبى سياستُه أن تعفَّ ... ففي كل غنمٍ لها مطمع
تدبُّ دبيب الكرى في الجفون ... ومن خلفها عقرب تلسع
وتصحو على الدَّم ظمأى إليه ... وبالدَّم تحلم إذ تهجع
فلا قيمة عندها للعهود ... ولا رحمة بالورى تشفع
ومن ألفِت نفسه الموبقات ... فهيهات عن غيّه يرجع
لذا كان عدّته في الحياة ... وشاغلَه (التنك) والمِدفع
فللحرب أزواجها الأمهات ... وأرحامهنَّ وما تدفَع
وللحرب ما يُنتج الزارعون ... وللحرب ما يُخرج المصنع
ومن بعدُ فليُنكب الأبرياء ... وتُنتزَع الهامُ والأذرع
ويكتسح الخوف دُور الأمان ... فلا يستقرُّ بها مضجع
علا الأرضَ في الجوّ فوق الخضم ... ومن تحت أسلحةٌ شُرَّع
جنونٌ فشا في جميع الجهات ... فلم يخلُ من شرِّهِ موضع
وما ضاقت الأرض بالساكنين ... ولا غاض من رزقها منبع
ولو سبر الناس غور الأمور ... لما فاتهم أيُّها الأنفع
ولكنها نزوةُ الفاتحين ... طغى جارفاً سيلُها المترَع
فظيع من الناس سفك الدماء ... وإصرارهم حدَث أفظع
وشرُّ الخلائق حوت يعبُّ ... من البحر عبِّا ولا ينقع
وأفقدهم للشعور بصير ... يمرُّ على الدَّم لا يخشع
فيا مذكياً نارها في الضلوع ... وما لك في نارها إصبع
إذا شَبع الوَحشُ عفَّت يداه ... وبالضدِّ وحشك إذ يشبع
ستدري فظاعة ما قد جنيت ... متى سكن العاصف الزعزع
(المنصورة)