كتب (ابن درويش) في العدد السابق من الرسالة كلمة يقول فيها ما معناه أنه كشف ثغرة نفذ منها إلى ذكائي، وأنه نسب إلى ابن الرومي بيتين ليسا له وإنما هما من نظمه وفيهما من جنون الفكرة وطلاء التعبير - كما قال - ما عزب فهمهما على فطنة أديبنا الكبير، فمن هم بنو النضر؟ ومن أولئك الألفان الرضع على التحديد. . .؟
ويتفق هذا في الوقت الذي يسألني فيه بعضهم: لم لا يسدد الأدباء الشيوخ خطى الأدباء الشبان. . . فهل من حاجة إلى هذا السؤال أو جواب عليه وهذا واحد من الناشئين يستهدي الأدباء الشيوخ على هذا المنوال؟
ونعود فنقول إن الثغرة التي كشفها صاحب السؤال إنما دلت على شيء لا يريده هو؛ وذاك أن العقاد رجل تلهمه البصيرة ما يكشف النيات قبل أن يكشفها أصحابها، فعرف أن صاحب السؤال عابث لا يجد في طلب الفهم وقال:(إن الأسئلة ضربان: سؤال يوجهه صاحبه وقد اجتهد في أن يعرف غرض الكاتب فهما سائران في طريق واحد، وسؤال يوجهه صاحبه وكأنه اجتهد في نقيض ذلك. ونقيض ذلك هو ألا يعرف غرض الكاتب وأن يتخذ له وجهه غير وجهته وطريقاً غير طريقه، فهما مفترقان لا يتقاربان. وأحسب أن الأديب الذي وجه إلي ذلك السؤال لم يجتهد في معرفة غرضي بمقدار اجتهاده في الحيدة عنه. . .)، فهل أراد صاحب السؤال هذا أو هو لا يعرف ما يريد؟
أما الواقع فهو أنه لا يعرف ما يريد؛ لأنني على فرض تصديقي نسبة البيتين إلى ابن الرومي لم يكن في ذلك شيء يستحق الدلالة عليه أو يستحق عناء التلفيق. فليس مطلوباً مني أن أذكر كل بيت في ديوان ابن الرومي المخطوط الذي لا تتداوله الأيدي؛ وليس مطلوباً من ابن الرومي أن يعتصم شعره من بيتين بالغين أدنى الحضيض من مراتب الرداءة والغثاثة؛ وليس من البعيد أن يكونا منسوبين إليه في بعض كتب الأدب ولا من المستحيل أن يكون راويهما شريفاً مستحقاً للتصديق
فلو صدقت أنا نسبة البيتين إلى ابن الرومي لما كان في ذلك عجب، إنما العجب أن أجزم بالنفي فأتعدى أمانة العلم إلى شعوذة المجون. . . فكيف وقد ألممت بالحقيقة وقلت إنني لا