أجدّ ' وأمزح
اندفاعات
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
أنا ما بَرِحتُ ولا أراني أبرَح ... بينَ الضلالةِ والهدى أترَجّح
طوراً بإبليسِ المسوّسِ أقتَدي ... طَرِباً وطوراً للإله أُسَبّح
إنّي أرى إن السلامة في التّقى ... لَو كانَ شَيطاني بذلكَ يَسمَح
إبليسُ يغويني فإن لم يهدني ... رَبّي فإنّ به مَصابي يفدح
وإذا استقرت في الحياة عَقيدَة ... يوماً فبالبِرهانِ لا تتزَحزَح
في الشكِّ وَخز واليَقينِ قناعَة ... فانظر لأيّ المَسلَكَينِ ترَجّح
لم أطمَئِنّ إلى الحياة فإنها ... عبء وتحتَ العِبءِ ناس ترزح
تَبكي اليتامى ثمّ إنّي لا أرى ... لِدموعهم مَذروفة مَن يمسَح
سألَ القطيع المالكيه راعياً ... فأجيبُ هاكَ الذئبُ فهو الأصلح
إن كانَ في ذِكرِ الحقيقة جَهرةً ... قبح فكتمان الحقيقةِ أقبَح
مَن لي بصبحِ أهتدي في ضوئِهِ ... فالليلُ داج والكواكبُ جنّح
ما كلُّ أقوالي بَناتُ عقيدَتي ... إني لفي شِعري أجد وأمزح
وإذا ذَمَمتُ فلا أذمّ سوى الذي ... يأتي من الأفعالِ ما استقبح
إنّا بعهدٍ للعروبةِ حاجة ... فيه لإصلاح وأين المصلِح
لم يَكتبُ الله البَقاءُ بأرضهِ ... إلا لمن هو للوغى يتسلّح
أمّا الطبيعةُ فهي خَرساء إذا ... ساءلتها عن أمرها لا تفصح
ما زالَ هذا الكونُسِرّاً غامِضاً ... ولَعَلّ ما هوَ غامِض يتوَضّح
إن الحياةَ رواية قد أحسنوا ... تمثيلها والأرضُ نِعمَ المَسرَح
دهري تربّاني ودهري هَدّني ... أأذمّ دهري أم لدهري أمدَح
ذهبَ الشبابُ مخلّفاً أغلاطهِ ... ووددت لو أن المشيبُ يصَحّح
عمر بمختلف الحوادثِ حافل ... وَليّ فما للنفس فيه مَطمح
قد ذقتُ حلوَ العيشِ فيه ومرّه ... وخلت يدي حينا وكانت تطفح