يسألني الكثيرون منذ دعوت إلى قيام الكتلة الثالثة: ما الطريق إلى قيام الكتلة الثالثة؟ وحينما كنت أحاضر عن هذا الموضوع في دار اللجنة العليا لشباب الحزب الوطني منذ أسبوعين، استوقفني بعض الشباب بعد نهاية المحاضرة ليبدي لي مخاوفه أن تكون العقبات التي في الطريق أكبر من الإمكانيات. . ثم أرسل إلى بعضهم يسألني تفصيل ما أجملت في هذه المحاضرة.
من بين هذه الرسائل رسالة للشاب الأديب (أحمد محمد أبو بكر الطالب السوداني بمعهد القاهرة) وقد جاء فيها:
(. . . إنه لمن حسن الطالع أن نستمع إلى محاضرتك القيمة بنادي اللجنة العليا للحزب الوطني وقد استطعنا أن نقف على أسباب تفرقة العالم الإسلامي، وأن نقف كذلك على حقيقة ما تضمره لنا كل من الكتلتين الشرقية والغربية من سوء. ولكننا مع ذلك كله لا نزال نطلب منك أن تبين لنا على صفحات الرسالة الغراء ما يستطيع المسلمون على ضوئه أن يوحدوا صفوفهم ويجمعوا كلمتهم لكي يكونوا كتلة ثالثة. . . الخ).
هذه الرسالة وأمثالها كثير تدل على استعداد معين عند الكثيرين من الشبان للاستماع إلى مثل هذه الفكرة والاقتناع بها، بل تدل على أكثر م هذا. . تدل على اللهفة الحقيقية لتحقيق هذا التكتل الإسلامي الذي آن له الأوان.
ولقد كنت أعرف عندما دعوة هذه الدعوة أن العقبات في طريقها شتى. ولكني كنت أومن كذلك أنها دعوة طبيعية، تنبع قوتها من تلبيتها لطبائع الأشياء، ولحاجة العصر، ولاتجاه المستقبل. وأن دوافعها أكبر من معوقاتها، مهما بدت هذه المعوقات من الضخامة والمناعة. . إن كل دعوة تتفق مع طبائع الأشياء، وتنبع من حاجة العصر، وتسير مع اتجاه المستقبل، هي دعوة ناجحة غالبة مهما يقم في طريقها من عقبات.
هذا المعنى أحب أن أؤكد أولا لشبابنا المتلهف على تحقيق هذه الفكرة، المشفق في الوقت ذاته من ضخامة العقبات، ومن موحيات اليأس، ومن عقابيل الماضي. . ومتى ثبت في الضمائر إيمان معين بالفكرة، فكل شيء بعد ذلك هين، وكل عقدة حلها ميسور.