كان صديقنا الأستاذ عبد المتعال الصعيدي يقرر في رده الأول علينا أننا (نملك تحريم تعدد الزوجات) ولكن بطريق مخالف لطريق معالي عبد العزيز فهمي باشا، (وقد سلكه أولو الأمر حديثاً في نظائر لتعدد الزوجات)، وأشار إلى هذا الطريق بمثال هو (تحديد سن الزواج ونحوه مما جرى العمل الآن به، وألفه الناس بعد أن ثاروا عليه عند تشريعه)؛ مما يفهم منه بوضوح أنه طريق التشريع الوضعي القائم على استعمال ولي الأمر ما له من سلطان على عماله مأذونين كانوا أو قضاة بمنعهم من تحرير وثائق رسمية لعقود الزواج المتضمنة للتعدد أو سماع الدعاوي المترتبة على هذه العقود.
فلما بينا له - تعقيباً على رده - أنه قد أخطأ القصد إلى التحريم بما أشار إليه من طريق سلبي لا تعلق له بحل ولا بحرمة، وأن ما ينشأ بين الناس من علاقات شرعية في الأمور التي تناولها المشرع الوضعي بطريق المنع المتقدم، يعتبر صحيحاً شرعاً وقانوناً وتترتب عليه جميع الآثار المترتبة على سواه، عدا تحرير الوثيقة وسماع الدعوى وهما الأثران المعطلان خلافا لما هو النظر الصحيح في (قاعدة تخصيص القضاء)، راح - في رده الثاني - يحرر مراده بأن لو لي الأمر (أن ينهي عنه (تعدد الزوجات) إذا أساء المسلمون استعماله، فيصير حراماً لنهيه عنه، وإن كان في ذاته مباحاً (كما ينهى عن زرع القطن في أكثر من ثلث الملك) فيكون زرع القطن في أكثر من الثلث حراماً من هذه الناحية وإن كان في ذاته مباحاً. . . هكذا يقول الأستاذ.
وظاهر مما تقدم أن معالم هذا الطريق الأخير تغاير المعالم التي أقامها للطريق الأول تمام المغايرة، فذاك طريق ليس له سوابق في التشريع المصري الحديث ولا القديم على الأقل فيما يتعلق بنظائر تعدد الزوجات التي مثل لها الأستاذ نفسه بتحديد سن الزواج؛ فلا ينطبق عليه إذن القول بأنه (قد سلكه أولو الأمر حديثاً في نظائر لتعدد الزوجات)، وبالتالي لم يألف الناس هذا الطريق، فلا ينطبق عليه القول بأنه (مما جرى العمل الآن به وألفه الناس بعد أن ثاروا عليه عند تشريعه). كما أن ما ذكره الأستاذ نفسه في ختام رده الأخير من (أن الناس لم يتهيأوا بعد لفهم هذا الحق (حق ولي الأمر في التحريم)؛ بل يعدوه خروجا على