الجديد والقديم. . .! هنا ميدان الخصومة بين الرافعي وأدباء عصره؛ فمنذ نحله أديب منهم زعامة المذهب القديم في مقال كتبه لمجلة الهلال سنة ١٩٢٣، نشط الرافعي ليجاهد هذه الدعوة التي يدعون إليها بتقسيم الأدب إلى قديم وجديد؛ إذ لم تكن هذه الدعوة عنده إلا وسيلة إلى النَّيل من العربية في أرفع أساليبها، وسبيلاً إلى الطعن في القرآن وإعجاز القرآن، وباباً إلى الزراية بتراث الأدباء العرب منذ كان للعرب شعر وبيان. ومن ذلك اليوم نصب الرافعي نفسه ووقف قلمه على تنفيذ دعوى التجديد؛ فجعل همَّه من بعد أن يتتبع آثار الأدباء الذين ينتسبون إلى الجديد ليردَّ عليهم ويكشف عن باطلهم. وما كان يرى في عمله ذلك إلا أنه جهاد لله تحت راية القرآن؛ فمن ذلك كان اسم كتابه الذي جمع به كل ما كتب في المعركة بين الجديد والقديم، من سنة ١٩٠٨ - ١٩٢٦.
هو كتاب لم ينشئه ليكون كتاباً، ولكنها مقالات تفرقت أسبابها واجتمعت إلى هدف واحد، وكانت مزقاً مبعثرة في عديد من الصحف والمجلات فجمعها بين دفتي كتاب، فاجتمع بها رأي الرافعي في القديم والجديد على اختلاف أسبابه ودواعيه وما كُتب له؛ على أنك لا تكاد تبلغ من صفحات هذا الكتاب إلى الصفحة المائة من أربعمائة حتى يخلو الميدان من كل أنصار الجديد إلا رجلاً واحداً هو الدكتور طه حسين بك، ويتوجه إليه الخطاب والرد في كل ما بقي من صفحات الكتاب؛ فكأنما أنشأه الرافعي وجمعه كتاباً للرد عليه هو وحده، وكأنه هو وحده الذي يدعو إلى الجديد وينتصر له ويحمل رايته؛ فإذا أوشكت أن تفرغ من الكتاب فرغت من الرافعي ومن رأيه ومن حديثه، لتقرأ جلسة من جلسات البرلمان يرأسها سعد ويتداول الحديث فيها طائفة من النواب عن طه حسين ورأي طه حسين في الأدب