تكلمت بعض المجلات السورية واللبنانية عن قلة اهتمام الأدباء المصريين بما يسمونه (أدب الحرب) ورأت في ذلك تضييعاً لاحساسات تستحق التسجيل، ونصت بالذات على خلو أدبي من أحاديث الحرب، والتفاتي إلى شؤون لا تمس أهوال الحرب من قريب ولا من بعيد
وأقول إن موقفي وموقف سائر الأدباء المصريين من الحرب هو موقف الإنسان الجديد، وهو يختلف عن الإنسان القديم كل الاختلاف أو بعض الاختلاف
وتفصيل ذلك الإنسان اليوم يدرك أكثر مما يشعر، وكان الإنسان قديماً يشعر أكثر مما يدرك، والفرق بعيد بين الشعور والإدراك
إن حروب طروادة المشهورة في التاريخ القديم أنطقت اليونان بأعظم القصائد وأعمق الأقاصيص، وهي حروب تعتبر ألعاب أطفال بالنسبة إلى حروب هذه الأزمان، ومع ذلك لن يكون في شعراء هذا الجيل من يؤرخ الحروب الحاضرة، كما أرخ القدماء تلك الحروب
الإنسان القديم كان يحارب وهو مدفوع بعوامل الازدهاء والاختيال، أما الإنسان الجديد فيحارب وهو مدفوع بعمليات حسابية تراعي فيها الخسائر والأرباح، فالفرق بين هذين الإنسانين هو الفرق بين الشاعر والحاسب، وثروة الأول أحلام، وثروة الثاني أرقام
كانت أعظم موقعة في بداية هذه الحرب هي موقعة دنكرك وقد انسحب منها الإنجليز، فكيف كان شعورهم عند الانسحاب؟
أنا لا أظن أنهم حزنوا، وإنما أرجح أنهم فرحوا، لأن الغاية من الحرب هي الربح، والربح الذي يفهمه الإنسان الجديد، وهو ضمان السلامة في الأموال والأرواح.
شاهد طريف
إذا تصاول أسدان كان على الأسد المغلوب أن ينسحب إلى أن يتأهب لاستئناف الصيال، وإذا تقاتل ديكان كان على الديك المغلوب أن يثبت في الميدان إلى أن يموت