ذلك الذي تلمحه على وجوه الناس في هذه الأيام، وتلمسه في أحاديثهم في كل مكان. .
سأم من كل شيء، ومن كل فكرة، ومن كل عمل، ومن كل أحد، ومن كل اتجاه. .
سأم هو مزيج من ألم قد مات! ومن يأس من الأعمال والرجال، ومن (قرف) شامل، ومن استهتار.
يقلب الناس صفحات الصحف، ويمرون على العنوانات الضخمة بدون اكتراث، كأن لم يعد شيء يدعو إلى الاكتراث.
هذه الردود الذاهبة إلى لندن، الآيبة إلى القاهرة وبالعكس، إنها لا تعني أحدا. إن كل أحد يحس أنها ليست له، وليست من شأنه، وليست بشأنه، إنها أمور تعني أصحابها. تعني الذين يهمهم (قتل الوقت) هنا أو هناك!
كل أحد في هذا الشعب يعرف أن هذه الردود الذاهبة إلى لندن، الآيبة إلى القاهرة وبالعكس، ليست هي التي تخرج الإنجليز من الوادي. كل أحد يعرف أنه وقت ضائع ذلك الذي يصرف فيها. وأن الإنجليز يهمهم دائما أن يسوفوا انتظار لتحسن الظروف.
كل أحد في هذا الشعب يعرف أن الإنجليز يعرفون، أن هناك عشرين مليونا من البشر يعيشون خلف القضبان، وأن الذين يعيشون خلف القضبان لا حق لهم في الاستقلال!
ولكن أحدا لا يقول شيئا عن هذه المسألة، ولا يهم أن يفتح فمه عنها بحديث، ما فائدة أن يتكلم؟ ما جدوى أن يقول؟
سأم. سأم. سأم تموت منه الكلمات في الشفاه.
والأزمة الاقتصادية، إن بوادرها في الأفق تلوح. بل إنها لتجتاح الوادي. كل شيء في الريف يهوى: القطن، الإيجارات، المعاملات، بينما تكاليف المعيشة على حالها، والغلاء آخذ بالخناق.
ولكن أحدا لا يهم أن يصرخ، ولا يهم أن يستغيث، ولا يهم أن يشير بعلاج.
لقد سئم الناس تكرار الصراخ وتكرار الاستغاثة وتكرار الكتابة حول النقائص والعيوب. . كل كلام ذاهب كصرخة في واد، ليس لها من سميع.