لفظ أنفاسه الأخيرة صبيحة الأحد الماضي وترك فنه وديعة غالية بين
يدي التاريخ
للأستاذ محمد السيد المويلحي
لعل الفنان الحق هو أقرب الناس إلى قلب الطبيعة وروحها، ولعله أقدرهم على معرفة أسرارها وأخبارها فهو وحده الذي يترجم لها أسرارها وكلامها، وهو وحده الذي يصور حسنها وجمالها التصوير الرائع الصادق الذي يحملنا على العجب والإعجاب
ولعل هذا الفنان هو أقرب الناس إلى الشذوذ والخروج على تلك الأوضاع البشرية التي وضعت للحد من الطباع والغرائز والرغبات. فله دستوره وحده. . . وله طباعه وتصرفاته التي يفرضها على الناس فرضاً. ثم هو بعد هذا أو قبله. . . الإنسان المرهف الحس، العظيم النفس، الممتلئ نبلاً ورجولة وكرماً
وسيد الصفتي من هؤلاء الذين أضفت عليهم الطبيعة كل ما فيها من فن وجمال وإقبال وشذوذ حتى خط لنفسه في كتاب الحياة وسجل الخلود صفحة نيرة مشرقة سوف يتلوها على سمع الأجيال المقبلة
كان قصير القامة يلتهب نشاطاً ويمتلئ قوة، وجبروتاً. . . يزين رأسه (عمامة) صغيرة تمتاز برشاقتها وأناقتها، (وشالها) الحريري المفتول الذي يعطيك صورة واضحة لأناقة صاحبه وحرصه الدائم على أن يظهر في أجمل المناظر
ابتدأ حياته قارئاً يجيد تلاوة القرآن فعُرِف وسعى الناس إليه، ولكنه رأى أن يكون كالشيخ إسماعيل سكر قارئ مولد ومادحاً للبيت الشريف وصاحبه (ص)؛ فخرج على الناس سنة ١٩٠٢ بهذا اللون الجديد الذي قربه اكثر من ذي قبل إلى نفوس المصريين، وما مضت سنة حتى زاحم الشيخ إسماعيل نفسه. . . وتفوق عليه تفوقاً محسوساً. وفي سنة ١٩٠٤ انظم إلى بطانته الشيخ إبراهيم المغربي الموسيقي المعروف الذي لحن له كثيراً من الموشحات الجديدة التي كانت السبب فيما ناله الشيخ سيد من شهرة طائرة، ومن ارتفاع