يرى كثير من الناس أن الصراع الحالي مؤامرة سياسية عسكرية نظمتها الدول الدكتاتورية بمهارة وإتقان منذ سنوات، ويرون أيضاً أنها تسير بخطوات متزنة، فلم يطرأ عليها حتى الآن خلل يستحق الذكر. أما رأس هذه المناورة فألمانيا، وأطرافها إيطاليا والروسيا واليابان وأسبانيا
ويستدلون على ذلك بتسلسل عدة حوادث أدت إلى انهيار فرنسا، وإذا صادفها النجاح إلى النهاية فقد تؤدي إلى انهيار إنجلترا أيضاً. فقد وضعت فرنسا سياستها عقب الحرب الكبرى على تطويق ألمانيا بالدول الصغيرة التي تعتمد على ولائها لفرنسا مثل بولندا وتشيكوسلوفاكيا والنمسا وبلجيكا
فعمدت ألمانيا من جانبها إلى تحطيم هذا النطاق، فنجحت رغم معارضة خططها لما كان معروفاً من قبل لخطط إيطاليا والروسيا؛ فكانت الأولى تحرص على استقلال النمسا، ومع ذلك سمحت لألمانيا باحتلالها؛ وكانت الثانية تشتهي من زمن طويل أن تحصل على مرافئ حرة على بحر الشمال، ومع ذلك سمحت لألمانيا باحتلال النرويج
وأخيراً، دخلت إيطاليا الحرب تنفيذاً لاتفاقات موسوليني وهتلر، عندما كانت فرنسا في النزع الأخير، وبعد ما أفادت ألمانيا بموقفها غير المحارب فائدة كبيرة
الفرص المناسبة
ومعنى هذا أن دول المؤامرة - في عرفهم - تنفذ الجزء الخاص بها عندما تتوفر ظروف خاصة، كما حدث مع إيطاليا التي يعتبرون دخولها الحرب بمثابة بدء الجزء الخاص بإنجلترا، وبمثابة عامل يمنعها من وقف القتال إذا أرادت عقب تسليم فرنسا؛ فلن ترضى بريطانيا مثلاً أن تتجاوز عن حقها في البحر الأبيض وهو طريقها الطبيعي إلى إمبراطوريتها إذا طالبت إيطاليا ببعض هذه الحقوق، وهذا ما كان منتظراً لو استكانت بريطانيا لأعدائها